من الصعب أن تجد شخصا يأتي إلى مطار جدة ويدفع رسوم المواقف بدون أن يدعو على القائمين عليه. والأصعب من هذا أن تجد أحدا يدفع الرسوم التي تتراوح بين ريالين وخمسة ريالات للساعة الواحدة وهو مبتسم.

ومن الصعب كذلك أن تجد كاتباً في صحيفة لا ينتقد قرار الهيئة العامة للطيران المدني بفرض الرسوم.

لقد تحول موضوع "الخمس ريالات" إلى أزمة رأي عام بين الهيئة والمواطنين والإعلام، ولكن لماذا نشأت هذه الأزمة؟

الهيئة تقول إنها فرضت الرسوم لتطوير المواقف ولكن قرارها كان مفاجئاً لغالبية المسافرين لأننا لا نذهب إلى المطار كل يوم ولا نعرف ما يجري هناك.

إن المواطن السعودي لا يحب الوعود "طويلة المدى" ولا يحب "القرارات المفاجئة" ولا يحب "فرض رسوم" جديدة من جهة حكومية، وللأسف هذا ما فعلته الهيئة دفعة واحدة.

ولأننا شعب يكره فرض أي شيء عليه بدون إعلامه مسبقاً لم نتقبل القرار. لسنا ضد مبدأ الدفع مقابل تطوير الخدمات ولكن أليس من المفروض أن يسبق فرض الرسوم حملة توعية وتجهيز وتحديد يوم معين لتطبيق القرار حتى لا يكون مفاجئاً!

ولماذا تفاجئ كل "هيئة" حكومية في بلدنا المواطنين بالقرارت ولا تجهزهم لها ولنا في هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات "أسوة سيئة" مع أزمة "مسنجر" البلاك بيري؟

بعيداً عن "الرسوم والقرارات المفاجئة" فالذي يطلع عن قرب على مشروع تطوير مواقف مطار جدة يكتشف أنه من الظلم أن نقلل من أهمية المشروع أو نبالغ في التذمر من الرسوم.

لقد بذلت الهيئة والشركة المتعاقدة لإدارة المواقف جهداً كبيراً وملموساً لتطويرها وصرفت على المشروع 29 مليون ريال وأصبحت المواقف تتسع لـ 4500 سيارة بدلاً من 2962 في السابق.

ويكفي أن سياراتنا هناك تمت تغطيتها بتأمين على كامل قيمتها في حالة حدوث حادث لها، إضافة إلى تركيب نظام مراقبة متطور لتمكين الجهات الأمنية من معرفة كل سيارة متى دخلت وكم مرة دخلت ومتى خرجت وماذا فعلت هناك.

كما أن الرسوم لم تفرض على الذين يريدون توصيل المسافرين لصالة المغادرة بل على الذين يريدون استقبال المسافرين القادمين وهؤلاء بعضهم من "الكدادة" الذين يبحثون عن زبون لتوصيله وبعضهم من "المستهترين" الذين يركنون سياراتهم في أي مكان ويتسببون في زحام مروري.

والأمر ليس سيئاً لأن سجلات الشركة أوضحت أن 59% من القادمين لصالة المغادرة لا يدفعون شيئاً لوجود فترة سماح تصل إلى 10 دقائق.

فعلاً هناك تطوير لكن المواطن لا يهمه كل هذا التطوير طالما أنه يدفع رسوماً لهيئة لا يثق بها بسبب وعودها المستقبلية "الكثيرة" وواقعها "المتواضع".

ورسوم المطار ليست آخر الرسوم التي ستفرضها الهيئة لذا يجب أن تحل الهيئة أزمة الثقة مع المواطن قبل فرض أي رسوم أخرى مستقبلاً.