بين حزمة من سعف النخيل، يقف الشاب حسين العميشي، لأكثر من 3 ساعات يلف الخوص سعفة سعفة، وهو محاط بجمع لفيف من زوار مهرجان ريف الأحساء السياحي الثاني، الذي تنظمه لجنة التنمية الاجتماعية بمدينة العمران في متنزه الأحساء الوطني.
وإلى جانب حسين يقف صديقه الآخر مساعدا ومستقبلا طلبات الزبائن الراغبين في اغتناء أو إنشاء "عريش الأجداد" في منازلهم، ويوضح العميشي لـ"الوطن"، أن هذه المهنة لا تعتبر حديثة على الأحسائيين، ولكن ممتهنوها قلائل جدا ولم تكن بهذه الطريقة، فجميع حقول النخيل في الواحة لا تخلو من "العريش" قديما، فهو السكن الوحيد الذي يضمهم ويجمعهم ويقيهم الحر والبرد، ولم تكن صناعته عشوائية، بل تأتي على شكل كوخ قديم، وكل أدواته من النخلة.
ويشير حسين إلى أن "مهنة التعريش" أصبحت محببة لدى الناس، وهم يرغبون في إنشاء "العريش" لهم في منازلهم كـ"تراث شعبي أصيل" في مزارعهم حتى وإن كانت تضم مباني خرسانية مسلحة، فإن العريش يدخل فيها بصورة فنية، تجعل من المكان أكثر رحابة وأنسا، ويؤكد أن المتر المربع الواحد من السعف يكلف قرابة المئة ريال، ويستغرق إنشاء العريش ما بين خمسة إلى ستة أيام، ويختلف حسب المواصفات والمقاييس.
وطوال العام يظل العميشي منشغلا بإنتاج "العرشان" لزبائنه، مرجعا ذلك إلى عودة المجتمع إلى التراثيات وحبها بشكل عام، ويوفر حسين أدواته جميعها من النخلة بدءا من الخوص إلى حبال الليف والجذوع، وهذا كل ما يحتاجه لإنتاج العريش، دون تدخل التقنية الحديثة، فلا مسطرة ولا قلم، وخريطة حتى هو تعلمها لوحده ولم يرثها من أحد.
إلى جانب ذلك، تتواصل فعاليات ريف الأحساء اليومية، وسط حضور بلغ حتى أمس نحو 50 ألف زائر، حسب ما أكده مدير العلاقات العامة بالمهرجان ورئيس اللجنة الإعلامية عبدالله السلطان، وكانت فعاليات أمس شهدت عروض الطيور النادرة للحمام الزاجل، والرجل الخارق، ومشهدا تمثيليا بعنوان "جحا"، بالإضافة إلى الأركان الثابتة والحرف الشعبية.