سأحاور هذا الصباح (كومة) الكتب التي رافقتني خلال الشهر الفضيل لتجعل من أيامه، وأصبوحته، بالتحديد، متعة هائلة لا يستطيع غيره من الشهور منافسته. سأبدأ، مثل ما ابتدأت، بالخروقات الفكرية الهائلة التي دونها (عائد من جوانتانامو) وهو يكتب في صفحة قصة الجبروت الأميركي مع سجين، ثم يزلق في الصفحة المقابلة إلى السؤال الذي لم يقصده: لماذا أنا هنا ومن هو الذي اشترى إرادتي ومسح عقلي وغسل دماغي قبل أن (يبيعني) الأفغان للأميركان: عربي ببضعة دراهم؟ وعلى الوعد سأعود لكتابة رأيي مكتملاً لمحاولة الإجابة. قرأت للشاب السعودي الرائع، عبدالله الجمعة، عن (طالب سعودي في أوروبا)، وعلى ذات المسار قرأت للمباشر الأنيق، محمد الداود، كتابه عن (أوراق سعودي في الخارج): أنموذجان رائعان لشراء العقل ولألمعية الجيل السعودي الجديد. التزام هائل بالهوية مع انفتاح مذهل على الدنيا وجامعاتها وأيضاً ثقافاتها المزدحمة. تقرأهما فتشعر بالدمعة على العائد من جوانتانامو حيث الهدف بلا راية. قرأت كتاب علي الوردي، عن طبيعة المجتمع العراقي مثلما قرأت لأخي تركي الدخيل، حين (قال له القصيبي): كم هو علي الوردي نسخة من القصيبي، مثلما هو القصيبي نسخة منه في الأدوات والتحليل: الفارق أن الوردي تنظيري خلاق فيما القصيبي روائي تحليلي. كلاهما وضع المشرط على الجرح وكلاهما ترك هذا المشرط بداخل ذات الجرح. كتبا لشعوب يصعب أن تقرأ. قرأت لميخائيل سليمان كتابه القديم جداً (صورة العرب في عقول الأميركيين): دراسة تحليلية نشرها قبل ربع قرن فلا زالت ذات الصور وكأنها صورة حديثة من ميدان (رابعة العدوية)، وفيما يبدو سيمر قرن كامل قبل أن تتغير نقطة من هذه الصورة. قرأت لجورج طرابيشي عن (سبات العقل في الإسلام). كتاب مثير رغم عجمة اسم المؤلف. بقليل من الحياد الشجاع، كأن الكاتب يتحدى من يجاريه في التشخيص ولكم الحكم إذا ما قرأتموه ولكن: لا تقولوا إنني قرأت هذه العناوين بلا رابط.