في كل مناسبة نرتدي فستان الفرح، ضمن ترتيب الحفلات في تقويم الحياة، يطير لأذهاننا سؤال كبير، يتكرر كثيرا ويتلاشى سريعا، ونقتله في أحايين أكثر، من خلال الهرب عن إجابته، دون أن نشبع حضوره، ولا نقنع ذواتنا، لذلك بقي معلقا على أبواب العودة، ودق كجرس كلما دلفت مناسبة إلى منزل السعادة.. فهل نجيد الفرح؟!
مثل هذه الأسئلة المفتوحة، لا يمكن إنهاء صلاحيتها من خلال اختيار الـ(نعم) أو الـ(لا)، ولا توجد لها إجابات نموذجية محددة، تحتاج من يستذكرها جيدا، ليوقف تدفق حضورها، وينهي إجراءات الاستفهام.. مثل هذا يجبرنا لنعيد تعريف الفرح، بل يجب أن نجد التعريف الأساسي قبل الإعادة، ونهتدي كمشاة في ظلام، عبر أضواء الجمال المتناثرة على جوانبه، ونفتش بين أنفاق الأحداث، ونكتب شيئا عن الأشياء التي نشعر بها بصدق وعفوية، ونستحضر كل ألوان مناسباتنا، بكل اختلافاتها وتناقضاتها، بكل القناعات وبدونها، وبشتى أنواع التواريخ، ثم نعيد فرزها من جديد.. بكل شفافية!
وقبل هذا كله، لمَ لا نجرب أن نقول: "لمَ نفرح" قبل التنقيب عن إجادة هذا الفرح؟ وهل نفعل ذلك لأننا نحتاج الفرح، ولأنه أحد جوانب الحياة.. أو لأنه واجب علينا فعله، أم مجرد مهمة مرمية ضمن قوائم طويلة، في جدول ممتلئ بكثير من المرصودات غير المهمة؟ وهذا يجرنا لأن نفتح خزانات الفرح الفردي، وعلاقته بالفرح العام، الذي يعيشه كل الناس، ومدى وجوب أن يكون جزءا مسيرا، يحضر بتصويت الأغلبية، ويغيب كلما امتنعوا عن التصويت، أم إنه يحتاج لقرار مسؤول، يمنح الصلاحية للكل بالدخول إلى محطاته، بطرائق مختلفة، أو بعطاء متشابه..
دعونا نسأل معا، ونتساءل سوية، ونطلق عنان التفكير في ميادين الاستفهامات، لنفكر في أكثر من اتجاه، بل في اتجاهات متعاكسة، ونلاحق الإجابة، ونكون أكثر صدقا مع أنفسنا قبل الآخرين، ونمنح ضمادا لكل هذه الأسئلة، وننثر تفاصيل الفرح على طاولة التساؤلات، ونكون شجعانا بالإجابات، ونسرق من الزمن فرحا. وكل عام وأنتم بفرح.. والسلام.