تنتشر في مجتمعنا بعض المظاهر الإيجابية التي ترتبط - في الغالب - بمناسبات معينة، ومنها: ظاهرة تفطير الصائمين التي تنتشر دعاياتها وإعلاناتها قبل حلول شهر رمضان المبارك، وتستمر خلال أيامه ولياليه المباركة، وهي - ولله الحمد - من الظواهر الحسنة التي تنبئ عن محبة الناس للخير، وحرصهم على ممارسته والقيام به ولا سيما خلال أيام وليالي هذا الشهر الكريم، الذي تتضاعف فيه الأجور ويعظم فيه الثواب ويتسابق فيه الناس إلى الطاعات والقربات.
وعلى الرغم من إيجابية مثل هذا العمل ودوره الفاعل في خدمة المجتمع ومد يد العون للمحتاجين من أبنائه، إلا أن مما يلاحظ في هذا الشأن أن تلك الوجبات التي يتم توزيعها والتي تسمى بإفطار الصائم والتي يحرص كثير من المحسنين والمحبين للخير على توزيعها في المساجد وأماكن التجمعات على الصائمين في شهر رمضان المبارك، لا تحظى بالعناية اللازمة والاهتمام المطلوب، إذ إن بعض القائمين عليها لا يعطيها حقها من العناية والاهتمام؛ فبعض الوجبات قد تكون غير صالحة للتناول، وربما كانت معدة بطريقة غير سليمة أو متنافية مع الطرق الصحية الواجب مراعاتها في هذا الشأن، كما أن مما يلاحظ أن كمية تلك الوجبات قد تزيد في عددها على القدر المطلوب فيكون مصير تلك الزيادة التخلص منها عن طريق إلقائها في صناديق النفايات، بل إنها ربما تعرضت للامتهان ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، ومن ثم يخشى أن يقع الإنسان القائم على هذا العمل في المحظور من حيث أراد الثواب والأجر.
وليس هذا فحسب، فهناك جانب آخر يتمثل في أنه لا بد من التنبيه إلى ضرورة أن يعتني كل من يقوم بتوزيع هذه الوجبات كإفطار للصائمين أفرادا كانوا أو مؤسسات بمراقبة ومتابعة مثل هذا العمل الطيب المبارك، والتأكد من سلامة إنجازه، وعدم العبث أو التهاون في تنفيذه، والحرص على أن يكون طيب النوعية حسن الإعداد حتى يقبله الله تعالى، ويكتب أجره ويضاعف ثوابه، لأن الله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيباً من القول أو العمل كما جاء في الحديث.
ومما يتبع لهذه المسألة ضرورة العناية بتنظيف المكان الذي يتم فيه تقديم هذه الوجبات بعد الانتهاء من تناولها؛ إذ إنه يحتاج إلى عناية واهتمام مستمر وملائم ولا سيما عندما يتم تقديم تلك الوجبات داخل المساجد حتى لا تؤذي روائح الطعام أو بقاياه من هم داخل المسجد.
فيا من تقومون على هذه المشاريع وهذه الأعمال الخيرة المباركة هلاّ أعطيتم هذا الأمر حقه من العناية والاهتمام؟
إنها دعوة صادقة أتوجه بها لكل من يريد أن يتقرب إلى الله تعالى في هذا الشهر أن يقدم أقصى ما يمكن تقديمه من العناية اللازمة بهذا العمل الطيب طمعا في نيل الأجر والثواب العظيم، الذي يقول فيه الحق سبحانه: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم} (آل عمران: 92). والله الهادي إلى سواء السبيل.