قيمة عادل إمام في الدراما التلفزيونية أقل بمراحل من قيمته السينمائية، العام تورط الرجل بإكليشيهات السياسة العربية والشعارات الشعبية، حاول الرجل أن يتناغم مع ما هو شائع وكما تلوث السياسة أشياء كثيرة وقع الرجل في شراك المزايدة محاولا تعويم رؤية سياسية سقطت في خضم ما سمي الربيع العربي، حزب الله وغزو العراق والممانعة وحصار غزة وتفاصيل من هذا النوع، هذا العام يطل من خلال عمل درامي هو "العراف"، وكما جرت العادة "الإمامية" جاء بيوسف معاطي توأمه الكتابي الأثير لصياغة حكاية فيها من روح هوليوود الكثير، الدراما المصرية عرفت أخيرا الطريق لاستيراد القصص الهوليودية، أعمالها الدرامية في السنوات الأخيرة كلها بهذا الاتجاه ساعدها في الأمر دخول استثمارات جديدة بفضل قانون تحرير الإعلام 2007 وخروج كثير من الفضائيات المصرية الخاصة إلى الحياة، وهذا ربما شجع عادل إمام لتفصيل قصص تناسب سنه ولياقته الفنية والبدنية، تخلى الرجل منذ سنوات عن تقديم قصص الهامشيين والفقراء أو على الأقل نقل واقعهم المباشر، بل أعاد التموضع ليصطف مع الطبقة الرأسمالية التي قادت الوضع المصري إلى كل هذا الاضطراب السياسي والاجتماعي، لكن باتجاه نقدي مستفيدا من مزاج شعبي عاصف ضدي، هذه المرة الرجل تخصص في نهب أموال هؤلاء القوم باحتيال، ربطة عنق وبدلة أنيقة وتدبير الكمائن ومراوغة السلطات وصناعة مكائد مع مسحات إنسانية هائلة على طريقة "تحديد الكل" الكمبيوترية، "فشة خلق" لزوم المواقف والتغييرات الجديدة لكن ما هو مهم هل لا زال في قبعته السحرية مزيد من الأرانب والبالونات والمناديل الملونة؟ فالمزاج المصري الدرامي يتجه إلى الشباب تماما كمزاجها السياسي، فقد ضاقت ذرعا بالكهول الذين احتلوه سنوات طويلة في السياسة وغيرها، تغيرت الأمور ويوسف معاطي رغم حلوله الوافرة لن يكون باستطاعته دوما توفيرها حتى لو ملأ الشاشة بالنجوم الشباب مساعدين و"سنيده"، فالزمن لا علاج له ولا هروب منه، وهذا ما يعرفه عادل إمام وسواه جيدا.