لم تمض 10 أيام على قرار وزارة العمل تعليق الاستقدام من إثيوبيا بسبب جرائم ارتكبتها عاملاتها المنزليات، حتى تناقلت الأخبار ـ قبل أيام ـ عن حادثة جديدة في المنطقة الشرقية، كادت فيها فتاة سعودية من ذوي الاحتياجات الخاصة وخالتها أن تنضما إلى ركب ضحايا العاملات الإثيوبيات لولا العناية الإلهية، وتدخل فرق الدفاع المدني التي تلقت بلاغا يفيد بقيام خادمة باحتجاز فتاة معاقة وسيدة في غرفة منزل والاعتداء عليهما، ومحاولة "قتل الفتاة واقتلاع عين خالتها".
الجدير بالذكر وبحسب إحصاءات رسمية من الأجهزة المعنية نشرتها صحيفة "الوطن" الجمعة الماضي، كشفت بأن جرائم العمالة الإثيوبية داخل المملكة سجلت خـلال الربع الأول من العام الجاري ارتفاعا بنسـبة 60% عن الجرائم التي ارتكبتها العمالة نفسها خلال الربع المماثل من العام الماضي.
حقيقة، إنه أمر يدعو للتساؤل: أفراد وجماعات من الجنسية الإثيوبية لطالما عاشوا بيننا لسنوات طوال لم نر منهم مثل هذه التجاوزات الإجرامية التي انتشرت في الآونة الأخيرة!
بالطبع نحن هنا لا نعمم بأن كل الذين ينتمون لذات الجنسية هم مجرمون ولكن السؤال: لماذا ترتفع لدينا نسبة جرائم القتل من العاملات المنزليات عن الكثير من الدول العربية بما فيها دول الخليج التي تستقدم عمالتها المنزلية من نفس الجنسية؟
لابد أن نعترف أولا بأن هناك قصورا كبيرا تتحمل مسؤوليته وزارة العمل في التفريط في حقوق المواطنين المستقدمين للعمالة، وبالخصوص إذا علمنا بأن تكاليف الاستقدام لدينا وكذلك الرواتب التي ندفعها للعمالة المنزلية تفوق الكثير من الدول العربية! مع ذلك تجد نوعية العمالة رديئة غير مؤهلة، ولا مدربة، بل منها من يكون له سوابق إجرامية أو يعاني من أمراض نفسية، وقد كشفت جريدة "الرياض" في تقرير سابق نشرته ـ قبل أيام ـ عن استضافة مركز رعاية شؤون الخادمات بالرياض لأكثر من (200) عاملة إثيوبية خلال الشهرين الماضيين فقط تعذر عملهن لدى الكفلاء لرفضهن العمل وإصابتهن بأمراض نفسية، وذكر التقرير أن عددا من العاملات اللاتي اعترفن أنهن لم يتلقين التدريب على الأعمال المنزلية في بلادهن، واعترفن أنهن يعانين من صعوبات العمل والتعامل مع الأسر السعودية، ويطلبن السفر إلى بلادهن.
كل هذا يُعطي مؤشرا خطيرا بوجود خلل في الشروط الموجودة بالعقد بين مكاتب الاستقدام والمُستقدم. الواجب أن المكاتب التي استقدمت تلك العاملات القاتلات يفترض أن تسحب منهم التصاريح وتقفل مكاتبهم هنا أو في إثيوبيا ويتحملون عقوبة مالية عالية لا تقل عن مليون ريال.
السفارة السعودية مسؤولة هي الأخرى عن اتخاذ تدابير إجرائية فيما يرتبط بالتدقيق بأوراق العمالة القادمة للمملكة والتركيز على مسألة الصحة النفسية والسن القانوني لأنه اتضح بأن هناك تزييف للأعمار بشكل كبير في مكاتب الاستقدام في بلد العامل.
في الجانب الآخر الذي لا يقل أهمية عن سابقه، هو أن بعض الأسر في مجتمعنا السعودي، يتعامل مع العمالة بشكل لا إنساني ويهضم حقوقها وينظر لها نظرة دونية سواء كانوا خادمات أو سائقين نتيجة ثقافة قاصرة فيها الكثير من التمييز بالعرق أو باللون، مما يولد رغبة الانتقام لدى العامل أو العاملة، خاصة في ظل غياب العقوبات اللازمة على الأسر المخالفة، التي تتعامل بشكل غير إنساني مع العمالة.
الحل يكمن في توفير عاملات بنظام الساعات كما هو الحال في أميركا وأوروبا وليس المبيت الكامل، وأن تكون هناك شركة هي المسؤولة عن هؤلاء.. فبقاء العاملة في المنزل هو أساس المشكلة.