أسفر الإنتاج الرمضاني لهذا العام عن حالة إسفاف وطرح سلبي يهبط بالقيم الأخلاقية والاجتماعية ويعلي قيم التربح السريع، إيجابية واحدة لتخمة دراما رمضان العربية تكمن في انحسار الدراما التركية المملة، والمؤسف أن الإجازة من إغراقنا بها عاما كاملا باتت فقط أثناء شهر رمضان.. تقلصت أيضا مساحة البرامج الحوارية عن السياسة وسلبيتها وقتامتها..
الإنتاج المقصود هنا ليس على مستوى المسلسلات حتى البرامج الحوارية المملة، و"سماجة" الكاميرا الخفية أو البرامج التي يعترف في نهايتها بأنها مغايرة لما دعيت الشخصية للمشاركة فيه وإعلان أنه مقلب، نفس الوجوه سنويا، تتغير برامج المقالب وهم صامدون في حالة ممتدة من الاستهانة بعقل المشاهد..!
أبرز الملاحظات تكمن في تدني الجودة والنوعية في الطرح، تعميم الفساد والانهيار الأخلاقي، ابتعاد عن هموم الناس وغيبوبة غير مبررة لحس الابتكار ومستوى احترام عقل المشاهد بترقية أدوات الحبكة الدرامية، غابت المعاني والقيم وشخصية الإنسان المعادل لكفة كل ما هو قاتم وفاسد ومنحرف، وغاب المكان الذي يحمل رمزية وقيمة مضافة لوعي ووجدان الناس في زمن انهيار الأوطان.
تفشٍّ وتسويق واضح لنموذج المرأة اللعوب والغانية، وتمرير فج لصورة المرأة بين منحرفة وثرية معرضة للأطماع، والأسواء من صورة المرأة صورة الرجل فهو جشع، زير نساء، باحث عن الثراء عبر تجارة المخدرات والتعاون مع الشيطان لتحقيق الكسب السريع غير المشروع، غيبت النماذج الناجحة ومن يفترض أن يثرينا كنموذج إنساني موجود ونتعامل معه وفي جميع المجالات.
حضرت عادات التدخين والتحشيش السيئة والمنبوذة في غالبية المشاهد في حلقات طويلة ومتسلسلة من السطحية وتفاهة المفاهيم والإيحاءات الجنسية، المسلسلات العربية هذا العام قدرت بـ35 عملا جديدا خلت من المعلومة القيمة والعبرة المستلهمة من واقع تجارب وخلاصات يجب أن تطلع الدراما بتجسيدها وبعث الروح فيها..
ما يطرح أهم استشكال: أين الموضوعية في إظهار الفقراء في موقف الضعيف والمنتهك والعاجز، والنساء في موقف المغتصبات المستهدفات المطحونات مرتادات النوادي الليلية.. ولماذا غابت الأزمات الراهنة التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية، بداية من الأزمة الاقتصادية وليس انتهاء بالأزمة الوجودية للشباب "أهم الشرائح المستهدفة"..!