منذ استبق الإخوان المسلمون نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية العام الماضي وأعلنوا فوز مرشحهم محمد مرسي فردّ عليهم تيار المرشح الثاني بإعلان فوز مرشحهم أيضاً ليُدخل الطرفان مصر في حالة من انعدام التوازن.. منذ ذلك الوقت يدرك أي متابع للأحداث أن حركة الإخوان "الخبيثة" وراءها ما وراءها..

فهي من جهة أولى تشير إلى تهديد خفي بنية الإخوان المسلمين في تخريب البلد إن لم يفز مرشحهم، ومن جهة أخرى تدل على أن مستقبل مصر ماضٍ إلى المجهول ما دام هؤلاء يفكرون بعقلية سلطوية مطلقة، فإما كرسي الرئاسة وما يتبعه من امتيازات، وإما "نصنع الفوضى التي لن تجعل مصر تستقر".

أما أهم الدلالات من إعلان "الإخوان" لفوز مرشحهم، فهو الوضوح المطلق لعدم فهمهم للعملية الديموقراطية، فالديموقراطية لديهم تعني وفقاً لتلك الحركة انتصارهم فقط وإلا فهم بالمرصاد لأي شيء يأتي على العكس من ذلك.

اليوم يظهر "الإخوان" على طبيعتهم، فكل ما يخدم جماعتهم هو جيد، وما لا يخدمها غير مقبول بقناعتهم.. فأن يقبلوا بعزل الجيش للرئيس حسني مبارك ولا يقبلوا بعزل الجيش لمرسي، فهذا تناقض يفسره أن عزل مبارك معناه خلو الساحة وتمهيدها لهم للانقضاض على السلطة، وعزل مرسي معناه أنهم رجعوا خطوات إلى الوراء فيما كانوا يحلمون بـ"التكويش" على كل شيء.

ما يثير الغرابة أولئك المتباكون على عزل محمد مرسي، خاصة من غير المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، والأطرف أن بعضهم يقول: تم عزله لأنه مسلم.. ولأنه يصلي.. ويعبد الله.. ونسي هؤلاء أن معظم المصريين الذين طالبوا بعزله مسلمون ويصلون ويعبدون الله.

أما الواقع فيقول إن تخبطات مرسي و"الإخوان" هي التي قادت إلى تدخل الجيش وبالتالي عملية العزل، فمرسي هو من سلم "الإخوان" أهم مناصب الدولة وترك الفتات لباقي التيارات، وهو من أطلق سراح الإرهابيين من قتلة المثقفين بعفو رئاسي، وهو من عين منتمين إلى جماعات إرهابية محافظين (باعتبارهم خدموا "الإخوان" بالعنف وحان وقت المكافأة).

ليست المسألة بأنه يصلي ويعبد الله، بل المسألة فيما سبق وغيره، بالإضافة إلى أنه فهم أن الديموقراطية تخول مرشد الجماعة بأن يكون الآمر الناهي في الدولة، أما تاريخ مصر الثقافي والفكري فأراد "الإخوان" بدعم مرسي اختزاله بهم وحدهم، ومثل ذلك القضاء والأزهر والجهات الثقافية وغيرها.

الحقيقة الوحيدة التي يجب أن تقال ويعيها المتباكون على "الإخوان" هي أن غباء الجماعة السياسي هو من جعل المصريين يلفظونهم بعد أن أوصلوهم للحكم وما من سبب آخر.