حينما تعترضك ربكة مرورية فأنت - غالباً - أمام واحدة من حالتين: إما أن يكون أمامك مطعم، أو مسجد!

في الحالة الأولى، الناس تتزاحم وتعرقل السير بحثاً عن الطعام.. العرب تقول "الجوع كافر".. ولو شاهدت وجوه الناس وهم يدخلون المطعم، وقارنتها بوجوه الخارجين، لأدركت السر الذي يدفع الناس لكسر النظام في سبيل الحياة!

أنا لا أبرر الخطأ، أدرك أن الحقوق متوازنة.. حق الفرد وحق الجماعة.. لكنني قد ألتمس العذر في بعض الحالات.. غير أن ما يحدث أمام المسجد والجامع لا يمكن تبريره.. أساساً، لأنه فعل ترفضه الشريعة الإسلامية، "لا ضرر ولا ضرار".

مررت أثناء سفري بإحدى المدن.. وفي أحد الشوارع الرئيسية توقفت الحركة المرورية أو كادت.. ظننت أننا أمام حادث مروري.. حبست أنفاسي.. وصلت لنقطة الزحام، بعد الزحف لمدة طويلة؛ اكتشفت أن السبب هو سيارات المصلين في أحد الجوامع.. الصورة متناقضة تماماً.. داخل المساجد ينتظم الناس في صف طويل مستقيم.. حركتهم واحدة.. النظام ومسطرة الاعتدال والاستقامة ومساواة الصفوف هي الفيصل في الصلاة.. لكن ذات المصلين الذين ينشدون الأجر في الداخل، هم الذين يتسببون في إرباك الحركة في الخارج.

يقول أمير المؤمنين في وصيته للإمام الحسن عليهما السلام: "إياك والجلوس في الطرقات"، كيف لو شاهد حالتنا اليوم، ماذا سيقول في وصيته؟! على كل حال، الأمر لا يقتصر على صلاة التراويح.. تأمل منظر الجوامع يوم الجمعة.. لتدرك أننا مجتمع نظري بحت.. يهدر حق الجماعة لأجل الفرد.. كل هؤلاء الذين يربكون الحركة يدركون أن ما يفعلونه أمر مُتنافٍ مع ما جاءت به الشريعة.. بل ويدركون ما هو أكثر من ذلك من آداب الطريق.. لكنهم غير مبالين.. الدين ليس في المسجد وحده.. الدين في المسجد والطريق..

هل يحق لنا أن نغضب حينما يقول الآخر: هؤلاء هم المسلمون، وهذه هي أخلاقهم؟!