انتهى معرض الكتاب بعد أن ازدحمت ردهاته بالمرتادين من شتى ومختلف الأهواء والاتجاهات فضلا عن الجنسيات واللغات، مثلما اكتظت أرفف ومنصات عرض الكتب بمختلف أنواعها ومحتوياتها، وقد كانت هذه التظاهرة، مصدرا جيدا للاطلاع على ثقافات عدة واكتشاف معلومات جديدة، وبدا أن هناك مبدعين قد أثروا هذا المهرجان الثقافي والمعرفي، وقد تم اكتشاف الكثير من المبدعين الذين حلقوا في فضاء النجومية عبر هذا المعرض وخاصة من شباب وشابات السعودية، بما أظهروا من مقدرة على الإنتاج وتنوع في الإبداع الإنساني في أغراض عدة. ثم يأتي بعد ذلك دور زوار هذا المعرض، وما خلفوا وراءهم عبر وسائل الإعلام من نظرات مختلفة حول اهتمامات الإنسان العربي عموما والسعودي خصوصا، وإن بدا أن هناك حبا للاطلاع والمعرفة ومسايرة الطباعة المكتبية، إلا أنه ليس بالمستوى المطلوب إلى حد الآن، وإن كان يسير في الاتجاه الصحيح وإن على خجل وفي بطء، المهم أننا متفائلون جدا ونطمح في الأفضل في مستقبل الحراك المعرفي والثقافي الوطني.

وإذا اتفقنا على أنه كانت هناك نجومية من نوع ما، وأن أبطالها كانوا نجوما وبأي طريقة ظهروا بها، فإن اللافت حقا هي "نجومية" الجمهور السعودي الزائر للمعرض، بدا ذلك جليا لنا في طريقة تصرفاتهم خلف زجاج أستديو "الثقافية" وهي تبث المقابلات مع مؤلفي ومثقفي ومسوقي المعرض، فقد أبدع الجمهور في استعراض أجسادهم خلف الكاميرا، ومحاولة إظهار الهندام وتوزيع الابتسامات، ولم يكتفوا بذلك بل أخذوا في التلويح بأيديهم للكاميرا وكأن من خلف الشاشة متعطشون لهكذا إطلالات، وقد اختلف الجميع في كيفية الظهور وطريقة التصرفات، وكل له في ذلك مذهب، إلا أنهم قد اتفقوا جميعا في الظهور وهم (يحملون الجوالات في أيديهم ويضعونها على مسامعهم) وذلك فيما يبدو إشارة للمتلقي خلف الشاشة أن يسارع لمشاهدة هذا "النجم أو تلك النجمة" الذين ليس لهم في سماء النجوم سوى خيالات وسرابات سرعان ما تختفي عند أول ضغطة زر مسح أو إشارة إخفاء.. ويجب أن نتساءل، هل المجتمع بحاجة لدراسة سيكولوجية من نوع خاص، لإعادة ترتيب مفهوميات القوم، وزرع الثقة بالنفس، وإغلاق منابع مركبات النقص لدينا. وهنا تذكرت معارض خارجية ومشاهد عالمية، لا يبدو فيها إلا أنك فعلا في عالم ثقافي ونهم معرفي، وليس لأحد شغل بأحد، سوى بالكتب وما حوت، والمعارف وما طوت.