سأدون في أوراق حياتي أيامي التي لم تنته بعنوان كبير يجمع كل الألوان (معرض الكتاب الدولي بالرياض)، إنه جنون الحرف ما يجمع كل هؤلاء المبدعين تحت سقف واحد، إنها تظاهرة الثلاثاء للثلاثاء تلك التي تسمو بالأرواح للسماء نحو عالم الكتب والإصدارات، كلٌ يحتفي بإصداره ومن لم يمتلك فقد احتفى بأصدقاء جمعهم كتاب واحد، في معرض الكتاب لا شيء يغدو مثله، فمن أتى بميزانية نقدية لن يراقب ما صرف، ومن أتى للاطلاع خرج بالأكياس محملا، ومن أتى بقوائمه ثارت عليه لعنة المعرض وخرج واشترى غير ما فيها!
عندما ترى في كل ركن حوارا تعرف أنك في عالم الثقافة، يسيرون ويتحاورون، يكتبون ويرسمون، ومن الإبداع تُجن "بعض" العقول، كانت هذه السنة مميزة لمعرض الكتاب الدولي بالرياض 2013 بكثرة الزوار، وتوافد المؤلفين من مختلف الدول، وتألق منصات التوقيع بمؤلفين شباب رائعين كأمثال شاعر عكاظ (إياد حكمي) بديوانه "على إيقاع الماء"، وعلي القاسمي بكتابه "فوضاي"، وبدر العليان بواقعه "كان بالأمس"، جيل أتى بأفكاره الخاصة وتطلعاته ورؤاه ورسم من الحرف عالما جميلا بسيطا غير متكلف، فكما أن الحرف إبداع هو أمانة، ويكفي أن نبحث في دواخلنا عميقا لنجد إبداعنا ولكن من يستطيع تحمل مشقة الولوج للأعماق وتحمل العواقب والانتفاضات؟
في هذا العام تميز عدد من دور النشر وتألقت ولعل أبرزها دار بلاتينيوم بوك من الكويت تلك التي تبنت الأقلام الشابة وأبدعت في التعامل الشخصي وكأنك ذهبت للكويت في لحظات وقفت فيها تشتري ما تريد، تتميز هذه الدار بطباعتها العصرية للكتب، وإبداعها في التصاميم المذهلة، وعندما يجتمع الإبداع مع الفن ندرك أن المحتوى يليق بهما.
وتميزت كذلك دار مدارك وتفردت بإصدارات كثيرة لا يكفي المقال لسردها، وكذالك دار العلوم العربية كعادتها كل سنة متألقة ودار طوى حيث ما زالت محاولة محمد الرطيان الثالثة متألقة للسنة الثانية على التوالي وتجذب الانتباه.
لن أنسى مقولة (عمر شبارو) من "الدار العربية للعلوم ناشرون" واصفا معرض الرياض بأنه من أفضل المعارض أولا بحسب المساحة والتنظيم وثانيا بكثرة الاقتناء فبينما معدل البيع للدار في معرض بيروت لا يتجاوز 3% يقفز هذا الرقم في معرض الرياض إلى 60% عاكسا حراكا ثقافيا مبهرا في السعودية.
وفي خضم تلك المعارك الورقية نلاحظ الزخم والحضور الشبابي الكبير ليخبرنا أن هناك طاقات شبابية تريد التفجر والتحليق فمن يتبناها يتبنى المستقبل.