سآخذكم اليوم إلى منطقة بعيدة عن رمضان، ومسلسلاته، وأبطاله، وبرامجه، ومسابقاته التي يسرق فيها، مُلاك الفضائيات جيوب البسطاء في هذا الشهر الكريم.

أتحدث هنا، عن تقنية إعلامية وتواصلية حديثة هي الـ"واتساب"، وبالتحديد، عن الـ"برودكاست" الكتابي، بعيداً عن الميديا التي تُنشر في الـ"واتساب"، من فيديوهات وصور.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، أمام هذه التقنية الإعلامية الحديثة: هل سأل أحدكم نفسه بعد أن قرأ أي برودكاست كتابي في الـ"واتساب": من أول من صنع هذا الـ"برودكاست"، أو المقطع المكتوب، قبل أن يتم تداوله على نطاق واسع؟

هذا السؤال، بقي يحكّ شعر رأسي بقوة، طيلة الفترة السابقة، مع كل لمحة إبداعية أقرؤها، في أي مقطع مكتوب ومتداول في فضاء الـ"واتساب" الأخضر.

هذا الفضاء الأخضر المُسمّى الـ"واتساب"، فتح العين المجتمعية، على آلاف رسائل الـ"برودكاست"، المتنوعة، من النكتة البسيطة في لغتها ومضمونها، إلى المعلومة، إلى الرأي، إلى المقولة الدارجة، بمختلف صياغاتها الحرفية، وتنتشر وتعاد بنفس الصيغة، دون أن نعرف من صاحبها، أو كاتبها في الأساس.

لاح في ذهني، وأنا أفكر في هذا الكائن العجيب الـ"برودكاست"، النظرية النقدية الشهيرة، نظرية "موت المؤلف"، وهي نظرية ملخصها: إن الكلمة أو العبارة أو النص، يُتداول، دون معرفة كاتبه، وهي النظرية التي تحققت في الـ"برودكاست".

أخرج لنا الـ"برودكاست"، مجموعة مبدعين مجانين ومجهولين.

شكراً لهم، برغم أننا لا نعرف من هم.