أصبت بالذهول عندما قرأت أن هناك تراخيا في تصحيح أوضاع العمالة بعد تمديد فترة التصحيح الأخيرة.. وقبل أن تضيع رسالتي في التفاصيل أقول إن المتراخي قد قرأ فترة التمديد خطأ، فالمؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه سيكون هناك حزم وتطبيق للنظام لكل من لم يقم بالتصحيح في الفترتين اللتين أعطتهما الدولة.. والواقع أنه يجب أن ننظر إلى فترة التصحيح ببالغ التقدير فقد أتى التمديد بناء على قراءة منطقية للواقع، الذي نتج عن تلك القراءة عدم كفاية الفترة المعطاة ابتداء، نظراً لأن مشكلة ممتدة لعقود لا يمكن إنهاء إجراءات حلها في ثلاثة أشهر.. ومن هنا جاءت فكرة التمديد والتي كانت في الواقع خطوة مهمة لتمكين كلا الطرفين الإدارات المعنية في الدولة من ناحية وأصحاب الأعمال والمواطنون من ناحية أخرى.. والذي نؤمله أن لا تٌقرأ فترة التصحيح خطأ لأن المؤكد أن من يفعل ذلك ويستمر في غيه سيقابل بالحزم.. والحقيقة أننا كمواطنين أول المستفيدين من فترة التصحيح أولاً لأنها تكشف عن شعب يحترم النظام وفي احترام النظام تكمن المواطنة الصالحة، التي تنم عن حب الوطن والحفاظ عليه وعلى أنظمته.. وكلنا نعرف من خلال تجارب سفرنا لكثير من الدول سواء ما كان منها للدراسة أو السياحة أنه لا يمكن لأي زائر أن يتجاوز أنظمة الهجرة والإقامة.. بل لعل بعضنا قد لاحظ أن الدول تقوم بإعادة من لم يكن دخوله للبلاد نظاميا على نفس الطائرة التي أتي فيها من حيث أتى.. ومن يدخل ثم يُضبط بعد انتهاء إقامته تطبق في حقه أنظمة صارمة ويرحل، فلماذا نرضى لوطننا وبمحض إرادتنا وتسترنا وإصرارنا، لماذا نرضى لبلادنا وجود مخالفين فيه؟ ثم إن هؤلاء المخالفين منهم من لا هوية له وهذا خطر على المواطن بالدرجة الأولى وخطر على البلاد.

إذن نحن نتحدث عن وجود مخالفين خطرين وبمساعدة مواطنين.. هل يعقل هذا؟ والأمر الآخر فقد تجاوز عدد غير المواطنين ثلث عدد السكان وهذا خلل في التركيبة السكانية، فلا توجد بلاد في الدنيا تسعى لمصلحة نفسها ويكون عدد البالغين العاملين فيها يتجاوز النصف، بعد إضافة البالغين من المواطنين. هذا خلل له عواقبه الوخيمة، ولا يخضع لمعايير التركيبة السكانية التي تعتمدها الأمم المتحدة في قياس مدى تقدم الشعوب.. وقد عانينا نحن من هذه النسبة عندما نشرت تقارير الأمم المتحدة أن هناك نسبة غير مقبولة من الأطفال، الذين وصلوا لسن الدراسة ولم يلتحقوا بالمدارس.. وهذا ليس صحيحا، لكن نسبة البالغين الكبيرة في تركيبة السكان السعودية أحدثت هذا الخلل في المعادلة التي تستخدمها الأمم المتحدة في قياس نسبة التطور في دول العالم.. ثم إنه لا يخفى على أحد النسبة الكبيرة من وظائف بلادنا التي تذهب لغير السعوديين.. وهذا أيضاً خلل سيؤدي مشروع التصحيح لعلاجه.. لا أفهم كيف يمكننا "الزعيق" ليلا ونهارا بأن أبناءنا لا يجدون وظائف وفي الوقت نفسه نقاوم خطوة التصحيح التي تنهض بها الدولة.. هذا يعتبر قصر نظر في رؤيتنا لمستقبل بلادنا في الوقت الذي يجب أن نكون جميعاً داعمين لخطوات التغيير والتطوير في بلادنا.. ثم أرجوكم فكروا معي ملياً في فكرة أن أي نظام في العالم لا يمكن أن يحقق كل الأهداف دون وجود سلبية هنا أو هناك، أو وجود ثغرة بين ثناياه.. لا يمكن.. حتى ولو استمعنا للنقد الموجه نحو نظام معين ووافقنا المنتقدين وتخلينا عنه لنتبنى رأي الناقدين فلن يخلو البديل من الثغرات والنقص والخلل.. ثم هل فكرنا في الخدمات المقدمة للمواطنين، والشح الذي يعتريها نتيجة وجود أعداد هائلة من غير المواطنين في البلاد.. لا يمكن بأي حال أن تفي أي خدمات مهما كان حجمها ومستواها بأغراضها وتحقق أهدافها في ظل وجود نسبة عالية واستمرار دخول أعداد كبيرة من العمالة لبلادنا.. سنظل نعاني من وجود العمالة بهذه الأعداد غير المنطقية على كل صعيد.. أمنياً واقتصاديا واجتماعيا وسياسياً.. وأسأل والوضع كذلك: كيف يمكن للمواطن أن يقاوم مشروع تصحيح وضع العمالة وشرها يأتيه بالدرجة الأولى من كل اتجاه؟ وكيف يمكن أن نقبل لوطننا وضعاً لا يقبله أي مواطن في البلاد التي تحترم الأنظمة وتكرسها؟ كيف يمكن لمواطن أن يتكسب على حساب تطوير بلاده وعلى حساب أنظمتها وعلى حساب مستقبلها؟ المواطن الذي يقبل هذا لبلاده يستحق أقسى العقوبات.. والمواطن الذي لا يقبل أن تكون بلاده بلاد القانون والنظام لا يستحق الاحترام فيها.. ومواطن لا يحرص على سلامة وأمن ونظام بلاده لا يستحق المواطنة فيه..

وخلاصة القول، نأمل أن يكون ما نقلته لنا الصحف عن التراخي في تصحيح وضع العمالة بعد التمديد غير دقيق.. وأن يعي المواطن مصلحة وطنه ومصلحته.. فأثر التصحيح الإيجابي يمتد للوطن والمواطن على السواء.. واحترام أنظمة الوطن ضرب من المواطنة الصالحة.. ويجب أن نعي جميعاً أن استمرار وضع العمالة بهذا الشكل هو شر ووبال علينا وعلى وطننا.. فهو يستهلك وظائف أبنائنا وبناتنا.. وهو يستنزف خيراتنا.. وهو أولا وأخيرا مخالفة لأنظمة بلادنا.. نحن نرحب بكل الإخوة والأصدقاء القاطنين بيننا بشكل نظامي باختلاف أسباب وجودهم.. ونحن نقدر من هو موجود لمساعدتنا لتنمية وتطوير بلادنا من أي موقع وفي أي قطاع.. لكننا بالمقابل كما هو النظام في جميع دول العالم يجب أن لا نقبل ويجب أن يفهموا جميعاً وجود أي فرد بطريقة غير نظامية.. ففي ذلك كما هو معروف للجميع تهديد لأمننا وتهديد لاقتصادنا ومخالفة لأنظمتنا.. نحن نقول هذا الكلام لأننا نعلم علم اليقين بأنه سيكون هناك حزم شديد في التعامل مع الوافدين ومن يتستر عليهم ومن لا يصحح أوضاعهم وطريقة إقامتهم في البلاد بعد فترة التمديد الأخيرة.. ونحن كمواطنين يجب أن ندعم مثل هذا الحزم أولاً لدعم تكريس النظام ثم حباً لوطننا الذي يجب أن لا نقبل أن تخالف أنظمته ثم دعماً لجهود الدولة بقطاعاتها المختلفة المعنية بهذا الأمر.. فترة التمديد لأربعة أشهر جاءت لمساعدة المواطنين ومساعدة الجهات الحكومية المعنية بهذا الأمر، ولم تأتِ تراخياً من الدولة ونأمل ألا تقرأ خطأ.