في الوقت الذي تتركز فيه الأنظار على حسن روحاني، الرئيس الإيراني المنتخب الذي يفترض أن يتسلم مهام منصبه رسميا في 3 أغسطس، يجذب آية الله خامنئي الاهتمام إلى نفسه.
خامنئي، الذي يتمتع بأرفع منصب سياسي في إيران وسلطاته فوق القانون، قال خلال اجتماع أمام بعض المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك الرئيس المنتخب روحاني، إن عرض الولايات المتحدة من أجل محادثات مع إيران موجود منذ سنوات، لكن عدم القيام بهذه المباحثات سببه الإدارة الأميركية. وأضاف خامنئي أمام مجموعة من المسؤولين كانوا يزورونه في طهران يوم الأحد الماضي أن الأميركيين "يفتقرون إلى المصداقية. لا أستطيع أن أثق بهم والتاريخ أظهر لنا أنهم لا يمكن الاعتماد عليهم".
خامنئي قال إنه ليس ضد إجراء محادثات مع الولايات المتحدة لكنه ليس متفائلا. خامنئي شبه المحادثات مع الولايات المتحدة حول الملف النووي بالمحادثات حول العراق، حين طلبت الولايات المتحدة مساعدة إيران بعد احتلالها لضبط الأمن. تلك المحادثات كانت مختلفة تماما عن المحادثات التي تعرضها الولايات المتحدة اليوم.
حاليا، هناك دائرة من النخبة في الولايات المتحدة يشجعون الرئيس باراك أوباما على اغتنام الفرصة وبدء محادثات مشتركة مع الرئيس الإيراني المنتخب حديثا. في رسالة بعثها 130 عضوا في الكونجرس من الحزبين إلى الرئيس الأميركي، طالب أعضاء الكونجرس باراك أوباما اغتنام فرصة وجود رئيس إيراني معتدل يتمتع بشعبية واسعة لبدء المباحثات مع إيران.
عقد مباحثات مع إيران الآن، وبعد 34 عاما من توقفها، لن يحل المشاكل العالقة بين يوم وليلة. بالطبع فإن نجاح المحادثات ممكن، كما حدث بين الصين وأميركا وروسيا وأميركا، وهي لن تكون أكثر صعوبة شريطة العمل على إعداد أرضية مشتركة والاستعداد لها بشكل جيد.
آية الله خامنئي، في هذا التوقيت الهام قبل فترة قصيرة من استلام حسن روحاني مهام منصبه الجديد، ذكَر الجميع، بما في ذلك الولايات المتحدة، بأهمية دوره في مستقبل هذه المحادثات أو أي محادثات هامة أخرى. ولكن في نفس الوقت، أعطى خامنئي الرئيس المنتخب روحاني موافقته المحدودة لبدء التحضير للمحادثات مع الولايات المتحدة.
تصريح خامنئي بأنه ليس "ضد المحادثات ولكني ليس متفائلا" يعطي مساحة محدودة للرئيس الإيراني المنتخب. هذا يعني أنه إذا فشلت المفاوضات لأي سبب من الأسباب بين البلدين فإن هذا سيثبت وجهة نظر خامنئي بأنه ليس "متفائلا". فهل يستطيع روحاني استخدام هذا التصريح بالدخول لمرة واحدة ويتخذ خطوة تاريخية لم ينجح حتى الرئيس الأسبق محمد خاتمي في اتخاذها؟ جميعنا نتذكر أول لقاء للرئيس محمد خاتمي مع قناة CNN الإخبارية عندما تحدث عن كسر جدار عدم الثقة بين إيران والولايات المتحدة، لكن كل جهوده فشلت في نهاية المطاف.
فشل خاتمي قد يكون مرتبطا بإدارة بوش التي كان لأركانها رؤية مختلفة حول صنع السياسة في الشرق الأوسط، خاصة مع إيران، وربما كان خاتمي أيضا قلقا من أن يفقد السيطرة في حال بدأت هذه المحادثات.
الظروف مختلفة حاليا. الرئيس أوباما يبدو أقل اهتماما باستمرار الوجود الأميركي في أفغانستان والشرق الأوسط، كما أنه يحاول عدم فتح أي جبهات قتالية جديدة يكون الجيش الأميركي طرفا فيها. فقد سحب أوباما القوات الأميركية من العراق وهو يتطلع إلى سحب كامل القوات الأميركية من أفغانستان بحسب مبدأ (الخيار صفر) بحلول نهاية 2014. الولايات المتحدة تخوض حربا مختلفة الآن من النوع الهادئ تعتمد على الضغوط الاقتصادية التي كانت فعالة في حالة إيران.
إيران تمر حاليا في فترة حرجة، وأوباما وخامنئي يعرفان ذلك جيدا. الحديث في إيران والولايات المتحدة الآن ليس حول فتح سفارات وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة. الحديث الآن هو عن النتائج الخطيرة لفشل المحادثات لحل القضية النووية الإيرانية التي تقلق دول المنطقة والعالم. الحديث هو عن سورية وإمكانية إيجاد مخرج من هذه الأزمة بمساعدة إيران. لذلك فإن المحادثات بين إيران والولايات المتحدة لها أجندة جديدة تماما ومختلفة عما كانت عليه في عهد الرئيس خاتمي.
لذلك فإن انتخاب حسن روحاني في هذه المرحلة يكتسب أهمية خاصة. آية الله خامنئي كان يعرف أن تغيير الإطار العام للعلاقة بين إيران والولايات المتحدة يحتاج إلى وجود رئيس يتمتع بتأييد شعبي ودعم رسمي ليتمكن من بدء المحادثات مع أميركا، وربما هذا ما جعله يؤيد ترشيح روحاني بالدرجة الأولى.
إن عدم معارضة خامنئي للمحادثات مع أميركا يكفي ليمضي روحاني قدما ويعرض قدراته الدبلوماسية التي يتحدث عنها الجميع. فهل يستطيع استغلال هذه الفرصة الفريدة ويرفع إيران من الهوة التي انحدرت إليها، والتي تهدد بإفلاسها وتحطيم اقتصادها، وربما المواجهة العسكرية مع إسرائيل؟ هناك آمال كبيرة يعقدها الإيرانيون على روحاني. ولا شك أن العالم يريد أن يعرف فريق المفاوضات النووية الذي سيحل محل فريق سعيد جليلي الحالي.
وفي جميع الأحوال، روحاني لا يستطيع أن يحدث فرقا إلا إذا استمر خامنئي في تأييده في هذه الأوقات الصعبة والحرجة.