سأمشي باتجاه معاكس في هذا المقال لشريحة كبيرة من الناس، ترى في البرنامج الرمضاني الكوميدي "واي فاي"، برنامجاً تافهاً، لا قيمة له.
"واي فاي"، كما أراه، برنامج كوميدي خفيف، ومن يقولون إنه لا يحمل مضمونا قويا عليهم أن يعرفوا أن فكرة البرامج الكوميدية الخفيفة مثل "واي فاي" لا يمكن تحميلها بقضايا كُبرى، ولو تم تحميلها بتلك القضايا، لما ظهرت بالشكل المطلوب فنياً.
كل فقرات "واي فاي" تقوم على فكرة المقاطع التمثيلية القصيرة، ولذا هو يعتمد على الومضة التمثيلية التي تظهر وتختفي في لحظات.. تلك الومضة التمثيلية، ذات الدقائق المحدودة جداً. ومن ناحية فنية، لا يمكن تحميلها مثلاً بقضايا سياسية أو فكرية لا تتناسب مع أسلوب الومضة التمثيلية تلك، أو مع فكرة المقاطع التمثيلية القصيرة.
لا أنكر أبداً أن في بعض المقاطع التمثيلية في "واي فاي" بعض الإسفاف الكوميدي، وأحياناً بعض الضعف في الفكرة، أو السيناريو، أو حتى في الجُمل الحواريّة، لكن أهم ما يميز البرنامج هو هويته المعاصرة، والتي تتواكب مع رتم هذا العصر.
الذي أعنيه بوضوح: أن المتلقي الآن لم يعد لديه لا الوقت ولا الرغبة، في متابعة عمل فني طويل، يتكون من عشرات الحلقات، بينما يمكن أن يُقال مضمونه في مقطع صغير كتلك المقاطع التي يقدمها "واي فاي".
تلك سمة عصر، وسمة إعلام جديد، يعتمد على الاختزال الزمني، ويعتمد أيضاً على فكرة يمكن أن نقولها في جملة: قُل ما تريد في أقل زمن ممكن.
حتى لو كان ما أقوله هنا معاكسا لرأي أكثر الناس، إلا أنني مع مثل توجه البرنامج التمثيلي "واي فاي" ومع سمته الأسلوبيّة في الاختصار.