طرح قائد أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس مبادرة شخصية تقضي بخروج آمن للرئيس السوري بشار الأسد لوقف حمام الدم في البلاد، شريطة أن يقدم قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية للقضاء.

وقال في حوار مع "الوطن" أمس، إن خروج بشار من سدة الحكم لا يعني منحه حصانة قضائية، إنما يجب أن يُطلب جنائيا أمام القضاء الدولي، مؤكدا حاجة الجيش الحر إلى تسليح وبكميات كبيرة لمواجهة صواريخ "سكود" والطائرات الحربية التي يستخدمها النظام، ضد المدنيين العزل.

وحول ضلوع حزب الله في القتال بجانب النظام، أشار إلى وجود قرائن كثيرة جدا على تورط مقاتلي حزب الله في دعم نظام دمشق بالرجال والعتاد، وسقوط العديد من قتلاه في الصراع.

واعترف إدريس بالتدخل العراقي على خط الأزمة، مضيفا "رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لا يريد أن يسقط نظام بشار، لأن سقوطه يضعف نفوذ "أسياده" الصفويين في طهران".

 




يوما بعد يوم تأخذ الأزمة السورية مع قرب دخولها العام الثالث، منعطفا تحكمه موازين قوى، تعتمد بالدرجة الأولى على حصول طرفي النزاع على الدعم العسكري واللوجستي والاستخباراتي، من قبل الأطراف الداعمة أو المساندة لهذا الطرف أو ذاك.

ويتقاطع الفريقان في المصالح والأهداف والرؤى، ويتلاقيان في "الحاجة للدعم" والمساندة، وما الإيحاءات الغربية الأخيرة، وموافقة الجامعة العربية على إعطاء الدول العربية الحرية في تقديم الدعم والمساندة عسكريا لقوى الثورة بسورية، إلا بمثابة رد أو مواجهة لحصول نظام الرئيس السوري بشار الأسد على السلاح والعتاد من أطراف عدة، كروسيا، وطهران، وأحيانا بكين، ناهيك عن حزب الله الذي يكفل تمويل الأسد بـ"الرجال بارتكاز عقائدي" لخلق توازن في القوى العسكرية المتصارعة على الأرض، وبالتالي قيادة الطرفين ربما لطاولة الحوار، إن صدقت القراءات حتى الآن.

لكن التسليح الذي يقدم لقوى الثورة، والذي تارة يوصف بـ"الخجول" خصوصا في الفترة التي سبقت تصريح الجامعة العربية بتقديم الدعم للثوار، وتارة "لا يصل"، وهو الأمر الذي جعل الفصائل العسكرية تنشط في عملياتها على الأرض، للحصول على أكبر قدر من "الغنائم" لمواجهة "الشيطان بسلاحه وعتاده". ومن هذا المنطلق، وجد قائد أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس، نفسه ومقاتليه "في غنى" عما يصفه بـ"التسليح العلني الخجول"، لوجود خرق في المعادلة العسكرية، التي تقوم على مواجهة الطائرات وراجمات الصواريخ بعتاد "متواضع" بعض الشيء"، كل ذلك وغيره في الحوار الموسع الذي أجرته "الوطن" غداة عملية التفاوض على إطلاق سراح 21 مراقبا أمميا في الجولان المحتل، وهي العملية التي أخمدت نارها بتسليم المخطوفين للسلطات الأردنية، وانتهاء فصل لم يكن في الحسبان. فإلى نص الحوار:

لواء سليم دعني أفترض معك "جدلا"، لو جاء الرئيس السوري بشار الأسد وطرح فكرة أو مبادرة خروجه من سدة الحكم ومغادرة سورية، شريطة عدم محاسبته لا هو ولا أركان نظامه. كيف سيكون رأيكم حينها. هل تقبلون بذلك عبر مبادرة أو إطار اتفاقي معين؟

هذا الموضوع يحتاج قرار سياسي كونه مجرما بحق كثيرين. وأنا لا أملك شخصيا صلاحية أن أقول نسامحه. أنا شخصيا لا أسامحه ولا أسامح قادته.

لكن لا تسامحه مقابل وقف حمام الدم وبالتالي مغادرة الرجل البلد؟

دعني أقول لك، سماح لا يوجد، يمكن حاليا أنا كشخص وهذا ليس رأيا رسميا، أنا مع أن يغادر البلد وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية يقدمون للقضاء، لكن هو أي بشار الأسد "لا يعطى حصانة".

لا تطلب له حصانة لكنه يخرج خارج البلاد، أي خارج سورية؟

لكن يطلب أمام القضاء الدولي، أو القضاء السوري.

دعني أنتقل معك إلى شأن آخر، ما كان يُخشى منه في السابق "التسليح" ويتم في الخفاء الآن أصبح في العلن، السؤال ماذا يمكن أن يقدم لكم "التسليح العلني" فيما يتعلق بمعادلة المواجهة على الأرض؟

نحن بحاجة إلى تسليح، اليوم منذ الصباح أنا أتواصل مع الإخوة في جميع الجبهات، النظام يستخدم الطائرات للإبادة والتدمير الشامل، واليوم في منطقة باب الهوا في الحدود الشمالية حلق الطيران فوق مخيم باب الهوا على بعد أمتار من الحدود الشمالية لسورية، واللاجئون أصابهم الذعر ولا أحد في العالم يهتم بهذه القضايا، النظام يستخدم صواريخ "سكود" ضد المدنيين والطيران وكل أنواع الأسلحة والناس تتفرج على السوريين، التسليح الذي نحصل عليه أنت أدرى به، إذا كان هناك تسليح علني وبكميات قليلة أنا لا أريده منذ الآن، ونحن السوريون لنا الله تعالى، أما إذا كان التسليح يمكننا من مواجهة هذا "المجرم الخنزير" فنحن نريده، أما إذا كان التسليح خجولا فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

لكن لواء سليم أتحدث معك الآن وأنت تترقب عملية إطلاق سراح الجنود الأميين المخطوفين إن جاز التعبير التابعين لقوات حفظ السلام؟

صار لنا يومين كاملين ونحن نريد تسليمهم لكن النظام لا يسمح بإمكانية نقلهم بسبب القصف الشديد. ونحن نرتب لتسليمهم بين لحظة وأخرى.

يعني أفهم من كلامك أنه تم خطفهم لتأمينهم؟

نحن لم نخطفهم، أنا بلغت بالأمر حين كنت في بروكسل، نحن لم نخطفهم، أنا لا أؤيد هذه العمليات نهائيا، ولا أريد الحديث عن الأمر أخشى تعطيل عملية التسليم، أنا ضد هذا العمل من بدايته حتى نهايته.

ربما لأنك لمست تراجعا نوعا ما في حديث وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد هذه العملية؟

حقيقة أنا لم أتواصل معه. لكن هذه الأعمال ضررها أكثر من نفعها، الإخوة الذين قاموا بهذا العمل أصلحهم الله، هؤلاء مراقبو أمم متحدة من يقرب منهم، هؤلاء يفضل دوما أن نقدم لهم تسهيلات.

لكن من قام بهذه العملية حسبوا عليك أو ضمن صفوف القوات العاملة تحت إدارتك أو إشرافك؟

يعين الله يا أخي، بالله المستعان وعليه الاتكال من جميع الجهات.

عظيم. دعني أسألك عن دخولك على الخط السياسي، البعض يقرأه أنه نوع من تقديمك كشخصية ربما للمرحلة المقبلة التي تلي سقوط الأسد، هل توضح لي كيف دخولك على الخط السياسي لاسيما أنك كنت تركز دائما على العمل العسكري؟

الخط السياسي ضروري الآن لتأمين الدعم المادي بالعتاد والسلاح وإمداد الجيش السوري الحر. أنا أقول سأذهب لأي مكان في العالم يقدم لي سلاحا وذخيرة كي أقاتل هذا النظام المجرم.

قلت لي لواء إدريس قبل فترة إنك تمتلك قرائن تقطع مشاركة وضلوع حزب الله اللبناني في القتال على الأرض إلى صف نظام الرئيس بشار الأسد؟

القرائن كثيرة جدا وموجودة، هم يقاتلون مع النظام في دمشق وفي ريف دمشق وحمص وفي مناطق أخرى بشكل لم يكن معلنا، ولكن واضح بأنهم يدعمون النظام. بالنسبة لهم في حمص تورطوا وسقط لهم قتلى وحاول الثوار سحل جثث القتلى لكن لم يتمكنوا. هناك بعض القرائن. لكن كونوا على ثقة أن حزب الله يقاتل إلى صف النظام. هذا شيء نحن السوريين متأكدون بشكل كامل.

بالرجال والعتاد؟

نعم نعم. والله يقاتلون بالرجال والعتاد. ونحن لا مصلحة لنا بمعادة أحد غير النظام السوري لا من داخل البلاد ولا من خارجها. هذا الحزب يكف شره عنا وهو في منأى ونحن في مكان آخر.

تدخلات الحزب بالتأكيد سيتم من خلالها توريط لبنان. أليس كذلك؟

هذا صحيح نعم.

لكن أريد أن أسأل طالما أننا فتحنا خط التدخلات الخارجية في الأزمة. ماذا عن دخول بغداد على خط الأزمة السورية؟

التدخل العراقي على خط الأزمة هذه جبهة معروفة. المالكي هذا رجل حاقد وأنت تعرف خلفياته. لا يريدون أن يسقط نظام بشار لأنه بسقوط نظام بشار إضعاف للنفوذ الصفوي بالمنطقة. المالكي أسياده الصفويون في طهران. وأسياد حزب الله الصفويون في طهران. هؤلاء لا يسرهم أن ينتصر الثوار السوريون وينتهي الحكم الطائفي في سورية. لأن سورية بعد سقوط النظام ستكون لدول المنطقة بلد حره ديموقراطية فيها مساواة وحرية وعدالة وهذا أمر لا يناسب الإيرانيين ولا يناسب المالكي. المالكي رجل طائفي حاقد يبعد الناس عن السلطة في العراق. ويسوم الناس للعذاب ويزج الناس في السجون. هذا الرجل يريد أن يساعد حكومة بشار لذلك تدخل على الخط.

لكن هل تستطيع لواء سليم عن دعم "استخباراتي" تقدمه بعض الدول المجاورة لنظام بشار الأسد؟

هذا الدعم لمن تقصد؟

أقول للنظام وأقصد من الأردن؟

لا توجد لدينا معلومات نهائيا.

لديك تسجيلات على طيارين أسديين خلال عمليات قصف المدنيين؟

هؤلاء يتنصتون عليهم أثناء العمليات. يذكرون أنهم فوق منطقة معينة. هم يعطونهم أوامر بدون تسجيلات بالقتل والتدمير. هذه أوامر واضحة ومعروفة. وهناك ضباط علويون لا يجرؤون على قول ذلك. الأوامر بالقتل والذبح بالسكاكين.

من مصدر الأوامر تعتقد. الرئيس شخصيا؟

هذا هو "الشيطان الأكبر". إن لم يكن منه شخصيا فتحت مظلته.

لكن لديك الآن جهاز استخبارات ممكن يُخترق عبره صفوف النظام الأسدي؟

نحن لدينا جهاز رغم أننا تشكيل وليد. أقصد التشكيل الاستخباراتي لدينا. أنت تعلم ذلك.

في نفسي سؤال من فترة طويلة بودي أجد له إجابة. هل تملك القدرة على فرض وقف إطلاق النار على الثوار. أو بالمعنى العامي، من الذي "يمون على المقاتلين" في مسألة وقف إطلاق النار؟

أنا إذا طلبت وقف إطلاق النار من الفصائل أعتقد بإذن الله أن ذلك يُنفذ.

كل الفصائل سيد إدريس؟

التي تعمل تحت قيادتنا. هناك 10% لا يعملون تحت قيادتنا.

وهؤلاء كيف يمكن السيطرة عليهم؟

هذا أنا صريح معك. صراحة هذا الأمر لا يمكن. من لا يعمل معنا لا يمكن أن نسيطر عليه. ندخل معه بتمنيات ومفاوضات نقول له من مصلحتنا وقف إطلاق النار. هذا على سبيل المثال.