بات تذبذب أسعار مواد البناء، وتسجيلها ارتفاعات بين الحين والآخر، مصدر حيرة لدى حديثي العهد في بناء مساكنهم، في وقت سجل فيه عدد منهم شكواهم من تلك الحالة، وسط زيادة الطلب على تلك المواد، وقلة المعروض منها، في ظل انتعاشة عقارية تشهدها المملكة منذ عدة سنوات.
وفيما حذر مستهلكون من أن الزيادات مبالغ فيها، وتهدد من يعملون حالياً على بناء منازل جديدة بإيقاف مشاريعهم، أشار آخرون إلى أن الزيادات "كبيرة" وتعمل على رفع التكلفة الإجمالية لبناء منازلهم، موضحين أن الزيادات شملت الأنواع الرئيسة في مواد البناء، مثل الحديد، والأسمنت و"البحصة" ومواد السباكة وأدوات الكهرباء.
وألمح متضررون إلى أن زيادة أسعار مواد البناء، تعود إلى عدم وجود تسعيرة محددة مختومة على مادة البناء وسرعة صرف القروض العقارية للمستفيدين الذين تقدموا بطلبات سابقة لدى البنك العقاري.
ويقول صاحب مسكن تحت الإنشاء سلطان الزارع إن ارتفاعات أسعار مواد البناء حالياً سببها زيادة الطلب، وتراجع كميات المعروض. وبنظره فإن الحل لمحاربة ارتفاعات أسعار مواد البناء هو تدخل وزارة التجارة ووضع حد أدنى وأعلى لجميع مواد البناء، ووضع تسعيرة مختومة على السلعة، ويتم إلزام التجار بعدم رفع أي سلعة على تلك الحدود.
وطالب المقاول فوزي هزاع السبيلة بالتوسع المحلي في إنشاء شركات لصناعة مواد البناء كالبلك والأسمنت الخام وإغراق السوق المحلي بتلك المواد للحد من عملية الارتفاعات المتسارعة، وهذا سيجعل الأسعار ثابتة في الداخل، وعدم ارتفاعها في المستقبل.
وأكد على ضرورة تدخل وزارة التجارة للحد من ارتفاع أسعار جميع مواد البناء، كما حددت أسعار الطوب الأحمر، مشيراً إلى أن السبب في ارتفاع أسعار مواد البناء والأراضي والأيادي العاملة، قد يعود إلى قرار وزارة العمل الأخير برفع رسوم العامل الوافد إلى 2400 ريال في السنة.
وأوضح المقاول زياد الحسن أن ارتفاع أسعار مواد البناء يرجع إلى زيادة رواتب الأيدي العاملة، التي تضاف على كلفة المنتج، لأنه لن يرضى بخسارته، ومن يرد البناء فسيتحمل هذه التكاليف".
وقال "يومية الأيدي العاملة في قطاع البناء كانت 80 ريالاً، ووصلت الآن إلى 120 و150 ريالاً، أي أنها ارتفعت بنسبة تقدر بـ 40 %".
وأضاف أن "عدم إصدار صك ملكية للأراضي الجديدة والاكتفاء بقرار فقط، أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضي، وبالتالي، فإن كثيراً من الذين تمت الموافقة على إقراضهم غير جاهزين للبناء لعدم توافر الأرض، حيث تم بيع أراضيهم في سنوات ماضية"، متمنياً "إعادة النظر في إصدار صك ملكية للأراضي الجديدة بدلاً من القرار فقط".
ويضيف أنه في السابق كان سعر ألف بلكة 1200 ريال، وسرعان ما ارتفع إلى 1400 ريال، كما أن شحنة "البحصة" ارتفعت من 800 ريال إلى 1450 ريالاً، وأن طن الحديد مقاس 14 ملم من إنتاج شركتي سابك والراجحي، أصبح على مشارف 3 آلاف ريال، وكان قبل سنة بـ 2450 ريالاً"، مضيفاً أن "بعض أنابيب السباكة ارتفعت بنسبة تصل إلى 20 %.
وفي السابق كان يكفي تأسيس السباكة لمسطح العمارة الواحدة بمساحة 400 متر مربع، 3 آلاف ريال، بينما في الوقت الحالي وصلت إلى 5 آلاف ريال من غير أتعاب السباك، كما أن سعر شحنة الرمل كان لا يتجاوز 75 ريالاً، وأصبحت اليوم بـ 150 ريالاً بنسبة زيادة بلغت 100 %.
وتمنى الحسن أن يكون وقت صرف القرض مناسباً لجميع المواطنين والاستفادة من هذه القروض، للتمكن من شراء منزل أو أرض الذي يتزامن مع إعلان صرف القروض العقارية، مطالباً بفتح فرع لصندوق التنمية العقارية بجميع مدن ومحافظات السعودية ومنها محافظة دومة الجندل.
ويقول المتخصص الاقتصادي عبدالمحسن الصالح إن المشكلة التي تحصل الآن أن القرض العقاري يتم بيعه من شخص حصل عليه، وليس في حاجته، إلى شخص آخر، مقابل 50 ألفا أو80 ألف ريال، تتم إضافتها إلى قيمة القرض"، مضيفاً "يعود سبب بيع القرض إلى عدم توفر أرض يملكها الشخص الذي أعلن اسمه في قائمة المستحقين للقرض أو عدم قناعته في الوقت الحالي للبدء بالبناء، ويتم الاتفاق بين هذا الشخص وشخص آخر شفهياً على التنازل عن القرض مقابل مبلغ مالي، وغالباً ما يكون الطرفان إما أقرباء أو أصدقاء أو زملاء عمل، ويكون بينهم شهود، وهذا يعني أن المواطن الذي يشتري القرض يتحمل 580 ألف ريال"، مشيراً إلى أن "بيع القرض يعد مشكلة كبيرة يجب محاسبة من يثبت إدانته ببيع القرض".
ويتابع الصالح "غالباً ما يفكر الشخص في الحصول على قرض إضافي يستدينه من المصارف والجهات التمويلية للمضي في رحلة بناء المنزل، ولا أنصح بذلك في ظل الأسعار الحالية للأراضي ومواد البناء؛ لأن ذلك سيجعل المواطن ضحية لديون متراكمة يصعب عليه تحملها".