من طرائف التصويت العربي أن البرامج الفضائية التي أعدت من أجله مسابقات متنوعة تضم المطربين والشعراء والموسيقيين وبعض من ليس لديه عمل، تخطّت حدود التصويت لأبناء القبيلة أو أبناء الوطن المنتمين إلى جنسية المصوّت ممن يسمع مَنْ سيبعثون رسائل sms أصواتهم وقصائدهم، وصار التصويت على شيء لا يعرفه المصوت.. فالمهم هو أن يكون هناك تصويت، والمهم لدى البعض أن يتم استغلال البسطاء والسذّج في شهر رمضان الكريم حتى لو كان عن طريق "الطبخ" وغير "الطبخ" فتتزاحم الرسائل القصيرة على هذا الرقم أو ذاك.
سحب "شاعر المليون" و"أمير الشعراء" و"سوبر ستار" و"ستار أكاديمي" وغيرها من برامج أثارت نعرات قبلية وانتماءات ضيقة، كثيرا من أرصدة جوالات الناس، والحكاية مستمرة. ومن آخر الصرعات البرامجية أن تفتقت الأذهان عن برنامج رمضاني بعنوان "الطباخ الأول" يقدمه الممثل محمد خير جراح، وفيه يتسابق الطباخون والطباخات على إعداد الأطباق ويعطي المحكمون من ممثلين وممثلات وأصدقائهم آراءهم القيّمة طبقاً لذائقتهم الخاصة وحسب الطعم الذي استساغوه، أما الجمهور فعليه أن يرسل من جواله ليرشح "الطباخ الأول" الذي لم يذق طعم إنتاجه، ولا يعرف إن كان الملح زائدا أو كان الطعم باهتاً أو كانت الحموضة تفوق قابليته للطعام.. المطلوب أن يصوت ويعتمد على ما قاله الخبراء الفنانون عن الأطباق. بكل أسف، مثل هذه الأفكار البرامجية لا تأتي إلا لملء الوقت وربما لها أهداف لكنها غير مفيدة، فـ 24 ساعة بث فضائي تحتاج لما يشغلها.. وإن كسب البرنامج قليلا من جيوب الجمهور فلا بأس بذلك. وكأن القائمين عليه مقتنعون بأن الجمهور لا يمتلك الوعي الكافي ليدرك أنه يصوّت على شيء مجهول بالنسبة إليه. ولو أنهم ألغوا جزئية التصويت من البرنامج، لكان أفضل بكثير من واقعه الحالي، وربما في هذه الحالة يمكن القول إنه أعد ليدرج ضمن قائمة برامج الطبخ والـ"شيفات" التي أتخمت بها الفضائيات العربية حتى حسبنا أننا قوم أكولون شرهون نهتم ببطوننا قبل أي شيء آخر.