يبدو أن حصاد "رؤوس الفساد" أصبح مطلباً ملحاً يواجه رئيس هيئة مكافحة الفساد محمد الشريف في كل مرة يلتقي بها الجمهور، فمنذ نحو عام، وفي ندوة أقيمت ضمن مهرجان الجنادرية، تعرض الشريف لأول مرة لهذا المطلب بلهجة مشددة، من قبل المشاركين معه على ذات الطاولة.


وقبل أمس تصاعدت تلك اللهجة حتى بلغ بعدد من الحاضرين في ندوة وصفت بـ"الساخنة" لمطالبته بالاستقالة ، الأمر الذي دفع الأول إلى التصريح بأن الهيئة لا تكتفي بملاحقة "قشرة الرأس" في قضايا الفساد، وإنما تلاحق "الرأس كاملاً"، ورغم أن الشريف أكد مجدداً خلال ندوة "الفساد قضية" التي أقيمت مساء أمس الأول بمركز الرياض الدولي للمعارض، بالتزامن مع فعاليات معرض الكتاب أن الهيئة ليس لديها "القوة التنفيذية"، فهي من اختصاص جهات أخرى مثل هيئة الرقابة والتحقيق، والقضاء الإداري "ديوان المظالم"، إلا أنه عاد وشدد على أنه لا حصانة للفاسدين كائناً من كانوا، لافتاً إلى أن دور الهيئة يكمن في فتح ملفات الفساد بناء على ما يردها من بلاغات المواطنين، وما ينشر عبر الصحف، والتثبت حولها، ومن ثم إحالتها إلى جهات التحقيق، والجهات القضائية، وقال إن الهيئة تلاحق الفاسد مهما بلغ منصبه بشرط وجود "دلائل وقرائن أولية".

إلى ذلك، شن الدكتور خالد الفرم هجوماً على الهيئة، إذ قال في ورقته التي شارك بها خلال الندوة أن الفساد ازداد خلال العامين المنصرمين، في إشارة إلى أن جهود الهيئة منذ إنشائها خلال المدة المذكورة لم تفلح في القضاء عليه، أو حتى التقليص منه، معتمداً في ذلك على معيار "المؤشرات الدولية"، وقال الفرم إن هناك امتعاضاً من عدم قيام الهيئة بالدور المأمول لها، وتمحور عملها في قضايا شكلية لا تمثل أولويات المواطن.

واستعرض الفرم عدداً من أوجه الفساد التي لم تتعرض لها الهيئة، أولها احتكار المشاريع الحيوية من قبل شركات كبرى، وهيمنة فئات وتيارات محددة على الوظائف، وأردف "نريد أن نشاهد المملكة العربية السعودية بكافة مناطقها وأطيافها في تمثيل القطاعات المختلفة.

واتهم الفرم في الندوة التي أدارتها أمل القثامي وجعفر الشايب "نزاهة" بتجاهل القضايا الرئيسية، وقال "يجب ألا تحصر الهيئة أعمالها في منطوق النظام، ويجب أن تتجاوز صلاحياتها، لإعادة تحريك المنظومة الإدارية، ولفت إلى أن المواطن لن يستطيع أن ينتظر عامين آخرين، وهو يرى الهيئة مشغولة "بشـارع لم يرصف".

وأطلق الفرم تحذيراً من أن خطاب الهيئة أصبح مستفزاً للشارع، حيث لا توجد قضايا كبرى تعالجها الهيئة، كالوظائف، والمساكن، وينعدم وجود جدول زمني للقضاء على أمراض الفساد، مشيراً إلى أن ما تقوم به الهيئة، هو ما يقوم به ديوان المراقبة العامة، وعلى الهيئة أن تتحول من مجرد "واعظ" إلى فرض مكافحة الفساد.