أكد أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل أن التجربة السعودية تتميز عن جميع التجارب العالمية لمعالجة الأحياء العشوائية، إذ إنها ترتكز أولا وقبل كل شيء على الإنسان، واصفا إياها بأنها تجربة إنسانية تهتم بـ"البشر" قبل أن تكون عمرانية أو مدنية أو تخطيطية.
وقال في كلمة خلال افتتاح ملتقى العشوائيات بجامعة أم القرى أمس: "هناك عشرات الآلاف بل وصلوا إلى مئات الألوف ممن يقطنون في هذه الأحياء دون هوية ودون عمل وأصبح هناك تحد كبير لأن المسألة ليست إعادة تخطيط هذه الأحياء وليست إزالة بعض المنشآت عليها أو فتح شوارع أو إقامة بعض المرافق الحكومية والخدمية".
وأضاف: "المشكلة الأساسية والتي أصرت لجنة تطوير الأحياء العشوائية على مواجهتها وعلى حلها هي المشكلة الإنسانية وإصلاح وضع وأمر هؤلاء البشر الذين يسكنون هذه الأحياء فتعهدت الدولة ممثلة بهذه اللجنة الوزارية بأن يبدؤوا أولا بإحصاء للجنسيات التي تسكن وتقطن هذه الأحياء ثم دراسة مشاكلهم أسرة أسرة فردا فردا ثم دراسة الحلول الناجعة لمعالجة هذه المشكلة".
وبين الأمير خالد الفيصل أنه توجد في هذه المنطقة مئات الألوف من البشر يحتاجون إلى إصلاح وتصحيح وضعهم ونقلهم من إقامة غير نظامية إلى إقامة نظامية، ثم إيجاد فرص عمل لهؤلاء الناس لمن يستطيع العمل منهم ثم تعليم وتدريب وتأهيل الشباب والشابات.
وأوضح أنه بعد ذلك "نبدأ في تنفيذ المخططات الجديدة لهذه الأحياء فلم يكن همنا في البداية هو إزالة المنازل وفتح الشوارع ولكن همنا الأساس أن ننقل هذا الإنسان إلى مستوى معيشي يحفظ كرامته لذلك أخذنا وقتا طويلا في الدراسة ولكنه وقت كان لابد أن نستنفذه لدراسة أحوال هؤلاء الناس فردا وأسرة وإيجاد المساكن التي سوف ينقلون إليها".
وقال: "لقد اتفقنا مع وزارة العمل على إيجاد فرص وظائف وقررنا كذلك أن تستقبل الشركات الكبيرة التي تنفذ المشاريع في هذه المنطقة هؤلاء الشباب وهؤلاء الناس من رجال ومن نساء في أعمال لهذه المنطقة وتكون الفائدة لهم ولهذه البلاد وليكونوا كذلك من المقيمين وربما في يوم من الأيام من المواطنين الصالحين، وهذه كانت رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهذا هو مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتصحيح وضع هؤلاء البشر، هذا هو تعهد من هذه الدولة للمقيمين في كنفها بعد أن أقاموا بيننا ولهم حق علينا بأن نحتضنهم".
ورأى أمير منطقة مكة المكرمة أن "مشكلة الأحياء العشوائية لا تختصر على مكة المكرمة أو المملكة بل هي مشكلة عالمية وقد لا تكون هناك مدينة كبيرة في العالم ليس فيها أحياء عشوائية وليس فيها محاولات لإصلاح أمر هذه الأحياء". وأشار إلى أن هناك نجاحات، إلا أنه استدرك قائلا: "ولكن وللأسف الإحباطات أكثر من النجاحات في تلك المدن"، لافتا النظر إلى أن هناك من ترك الأحياء العشوائية في أوساط المدن الكبيرة للقدر ليحل مشكلته وهناك من حاول.
وأضاف: "ونحن عندما شرعنا في دراسة وسيلة وطريقة معالجة الأحياء العشوائية في منطقة مكة المكرمة وخصوصا في مدينة مكة المكرمة واجهتنا عدة مشاكل ولعلها لا تكمن هذه المشاكل إلا في هذه المدينة، حيث إن مكة المكرمة تستقبل الحجاج والمعتمرين منذ الأزل ولكن هناك من يتأخر ويتخلف ويبقى كما أن هناك من الذين فروا بدينهم من بلدانهم وتوجه لهذه الأرض المقدسة واستقبلتهم هذه البلاد إنسانا وحكومة وقيادة".
وقال: "إن أول مشروع رفعته لخادم الحرمين الشريفين بعد أن تشرفت بخدمة هذه المنطقة بتولي إمارتها هو مشروع معالجة تطوير الأحياء العشوائية وقد لقيت تجاوبا سريعا من رائد التنمية بالمملكة وشكلت له لجنة وزارية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله عندما كان وزيرا للشؤون البلدية والقروية ثم بعد ذلك رأس اللجنة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وهو الذي يجب أن نذكره فنشكره ونذكر تلك الدفعات العظيمة التي كنا نشعر بأهميتها في جميع اجتماعاتنا لتنفيذ هذا المشروع".
من جهته، ألقى مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس كلمة أكد فيها أن مكة المكرمة شَهِدَتْ على مر تاريخِها حركةً حضاريَّةً لا تخطئها العين كما شهدت أول مشروعٍ مائي في التاريخ هو عينُ زُبَيْدةَ وحركةً علميةً ثَرِيَّةً وحيويةً تجاريَّةً مشهودةً ودبلوماسيةً سياسيةً فريدةً وحظيت باهتمام بالغ من الأمير خالد الفيصل.
إلى ذلك، انطلقت فعاليات الملتقى بعقد ثلاث جلسات طرحت خلالها 11 محاضرة، تناولت تجارب عالمية في التعامل مع العشوائيات، الجهود المحلية في صياغة آليات وحلول التطوير للعشوائيات بمكة المكرمة، والتجارب والجهود المحلية في صياغة آليات وحلول التطوير للعشوائيات.