يعتقد الكثيرون أن المشاركة في العمل التطوعي تستلزم تقديم جهد منقطع النظير، واستقطاع وقتٍ طويل من يومك، بينما حقيقة الأمر أن المرونة الفائقة هي إحدى مميزات العمل التطوعي، ذلك أن مشاركتك التطوّعية لا تحتاج منك في البداية إلا إبداء الاهتمام بالنشاط التطوعي ذاته، وفهم أبعاد المشاركة، وأثرها على مجتمعك المحيط، وعلى المتطوع نفسه من باب أولى.

وبالتالي فإن قدر ومدة تطوعك بعد ذلك تعتمد على مدى إيمانك بأثر ما تشارك به، لأنك إن حملت الهم سوف تعيد ترتيب التزاماتك اليومية، بحيث تجد للتطوع مكاناً لها، وسوف تتعجب في النهاية من قدرتك على تقديم الكثير دون أن تحس، لكن إذا لم تستطع تقديم سوى القليل، فلا تجزع ولا تتراجع، لأن أي مشاركة مهما كانت بسيطة، سوف تساعد على إنجاز الهدف، ولكن شرط أن يكون مخطط لها، وأن لا تشتت عمل الآخرين، أو تكون عامل تأخير أو ضرر، وكم من مساهمات بسيطة كان لها الأثر الكبير في الإنجاز، بعد أن تراكمت مع جهود الآخرين، كما هي الحال في قصة تأسيس منظمة "أطباء بلا حدود"، التي كانت نتاج جهود متناثرة لأطباء وصحفيين فرنسيين، وأضحت اليوم بعد 40 عاماً إحدى أكبر المنظمات التطوعية في العالم، فضلاً عن أثرها النفسي الإيجابي على حياة المتطوّع وعلاقاته الاجتماعية، وتذكر حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحقرنّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ" رواه مسلم.

خلاصة الحديث: جوهر التطوّع يعتمد على مدى إيمانك بما تفعله، وتقدمه لمجتمعك، وثِق تماماً أنه في عالم التطوع: "أي شيء" سوف يكون إضافة حقيقية لكل "شيء".