أكرم الفواز
أكدت وزارة العمل أن المبالغ التي ستجنى من رفع الرسوم الخاصة بالعمالة الوافدة من 100 ريال إلى 2400 ريال تصل إلى 15 مليار ريال سنويا وستتوجه بالكامل لصندوق الموارد البشرية للاستفادة منها في تدريب العاطلين والعاطلات، وتهيئتهم للدخول في سوق العمل، وبينت أن القرار سيسهم في التوطين من جهتين، أولاهما توجه الشركات لتقليص أعداد الوافدين، وإحلال السعوديين بدلا منهم، وثانيتهما الاستفادة من الرسوم في تدريب السعوديين وتأهيلهم لسوق العمل، مشيرة إلى أن قرار مجلس الوزراء حدد آلية التحصيل وطريقة الصرف بما يخدم توطين الوظائف. ويخشى الكثير من المراقبين الاقتصاديين أن ينعكس القرار في حالة استمراره على ارتفاع السلع، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة على المواطنين. وحصل ما كان يخشى من ارتفاع لن أقول مبالغ فيه وإنما شبه مقبول.
أبرز الارتفاعات غير المقبولة والملموسة هو ما يتعلق بحياة المواطن "اليومية"، فعلى على سبيل المثال: الحلاقون ومغاسل السيارات والملابس والتموينات الغذائية والمطاعم الصغيرة. وهذه المنشآت بعضها يمكن سعودته والبعض الآخر غير ممكن لطبيعة هذه المهن!
حين تسأل أحد منسوبي هذه المنشآت وخاصة الحلاقين ومغاسل السيارات والملابس سيجيب فوراً أنا ملزم بدفع 200 ريال شهريا ومع الدخل الشهري المحدود وغلاء المواد الأولية لتقديم الخدمة للزبائن سيكون رفع الأسعار أمرا قسريا. وللأمانة هو محق في ذلك ولا يلام، خاصة في ظل طمع صاحب المحل في أخذ حصته الشهرية دون نقصان. وهنا سيتبادر سؤال بديهي كيف يمكن لوزارة العمل محاربة البطالة؟ كيف يمكن التقليل من الاعتماد على العمالة الأجنبية؟ ونغفل جزئية مهمة وبسيطة في أسوأ الظروف تحقق معادلة لجهود وزارة العمل.
بنظرة بسيطة حينما تقود سيارتك في أي شارع تجاري ستجد أكثر من نشاط تجاري واحد!. لدرجة أنك ستجد نفسك مجبراً بتسمية هذا الشارع بـ"شارع المطاعم" أو "شارع المغاسل".. إلخ. كثرة الشوارع التجارية ومنح الرخص بشكل عشوائي، ضيقت الخناق على أصحاب العمل وقللت أرباحهم فاضطروا لرفع الأسعار.
ما أود توضيحه أن بلديات المدن والأمانات التابعة لها خلقت عشوائيات تجارية "معدومة المنافسة" وتسببت في قلة دخل هذه المنشآت كلٌ على حدة مما اضطر أصحابها إلى رفع الأسعار!. هل يعقل أن يكون بين كل حلاق وحلاق، حلاق آخر؟ أو محطتا بنزين بينهما كيلو متر واحد فقط. ما الجدوى الاقتصادية والمنافسة التجارية التي تسمح بالترخيص لبقالتين بجوار بعضهما؟
كلنا يعلم صعوبة المراقبة الصحية على الحلاقين والمطاعم لقلة الكوادر وكثرة المنشآت، كلنا يعلم صعوبة مكافحة الغش التجاري لكثرة المنشآت التجارية، أيضا الكثير منا يعلم صعوبة سعودة "الكثير" من المهن، وأحدد ذات الحاجة اليومية. وكذلك كلنا يعلم الخطورة الأمنية "لبعض" العمالة الوافدة، وخاصة توصيل الطلبات المنزلية سواء من التموينات الغذائية أو المطاعم. وكذلك زحمة الشوارع التجارية بسبب تكدس الأنشطة التجارية مما يترتب على ذلك زيادة استهلاك الكهرباء والماء المتنامي بسبب زيادة السكان!. إذن ما هو الحل؟
حان الوقت لقيام البلديات بمعالجة العشوائيات التجارية وإعادة هيكلتها بما يخدم المصلحة العامة، يجب عدم السماح بأكثر من نشاط تجاري "مشابه" في شارع واحد، يجب تقليص الشوارع التجارية خاصة في الأحياء القديمة جدا وكذلك الجديدة، ويجب المبادرة بخلق ركن تجاري كبير في كل حي أو مربع سكني، للشركات المتوسطة والكبيرة بما يوفر الخدمات الأساسية، فهي قادرة على الحفاظ على الأسعار وتقديم خدمات جيدة وكذلك دعم السعودة. كذلك يجب على البلديات منع تصاريح النشاطات الصغيرة ذات الملك الفردي فهي غير مجدية اقتصاديا للوطن، وغير آمنة صحياً، وكذلك مجال للتستر إلا إذا كانت تدار بأيد سعودية فهنا يأتي دور البلديات والجهات الحكومية بدعمها ماديا واستراتيجيا.
أمن واقتصاد الوطن أهم بكثير من اقتصاد أفراد هدفه ألف ريال نهاية الشهر!