ما زالت حالة الترقب تسود مدينة بورسعيد، ولا أحد يعلم ما ستؤول إليه الأوضاع مع النطق بالحكم غداً في قضية مقتل 74 من ضحايا مجزرة إستاد المدينة. وقال عضو مجلس الشعب السابق عن محافظة بورسعيد البدري فرغلي في حديث إلى "الوطن" إن "أهالي المدينة يتوقعون الأسوأ في ظل غياب لغة العقل في التعامل مع تصاعد حدة الأحداث الدامية التي تشهدها تلك المحافظة الصغيرة التي تم تقديمها كضحية وقربان لأصحاب الأصوات العالية، ورغم ذلك فالمدينة مازالت تقاتل حتى هذه اللحظة، وأعتقد أن السيناريو ليوم 9 مارس سيأتي كما هو متوقع، فالمتهمون الذين تمت إحالتهم للمفتي سوف يتم الحكم عليهم بالإعدام، أما بقية المتهمين الذين ينتظر النطق بالحكم ضدهم في الجلسة، فسوف تصدر عليهم أحكام مشدَّدة". وأضاف "بورسعيد أصبحت مدينة تحتضر، وكل ساعة تقدم مزيداً من الدماء ولم يتدخل أحد حتى الآن لوقف نهر الدماء، بل بالعكس هناك من يزيدون النار اشتعالاً، وهناك من يريدون أن تتحول الشوارع إلى أنهار من الدماء وهذا ما يفوق العقل. الكل يتجاهل ما تعانيه المحافظة اليوم من الفقر وكأن آذان المسؤولين قد صُمَّت وعينوهم عميت عن متابعة العصيان المدني الذي تعيشه المدينة تعبيراً عن رفضها للحصار وعقابها على جريمة لم ترتكبها، المدينة لن تستسلم ولن تهزم ولن يرى أعداؤها أعلاماً بيضاء ولن نخسر شيئا أكثر مما خسرناه".

موجة ثورية

وبدوره انتقد نقيب الصحفيين السابق مكرم محمد أحمد ردة الفعل الحكومية على ما يحدث. وقال "الرئاسة تتوهم بأن الناس يمكن أن ينسوا أو يملوا على اعتبار أن ما يحدث سوف يهبط تدريجياً لتأتي الانتخابات البرلمانية في جو معقول نسبياً يوحي بأن مؤسسات الدولة اكتملت ولا أثر للاعتصامات والمظاهرات، هذا حلم لن يتحقق لأن الموجة الثورية حينما تهدأ تخرج منها موجة أشد عنفاً بدليل ما يجري في بورسعيد والمنصورة وميدان التحرير، ولا أرى ما يطمئن بأن العنف سيهدأ في مصر لأن الموجة تسلم نفسها لأخرى أشد منها، كما أن الانتخابات البرلمانية لا يمكن أن تأتي في هذه الحالة من الانقسام لأن مصر لن تستقر في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطنون".

من جانبه اعتبر استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية الدكتور جمال فرويز تجاهل المسؤولين لما تعيشه المدينة محاولة للتقليل من شأن الأحداث. وقال "تعامل النظام، وعلى رأسه الرئيس محمد مرسي مع أحداث بورسعيد، يعرف علمياً باسم "الإنكار أو التقليل"، حيث تتم مواجهة الأحداث المتصاعدة برد فعل إنكاري في محاولة من القائمين على إدارة الدولة بتفسير ما يجري وكأنه بلا قيمة، وهذا الأسلوب يرجع إلى سببين؛ إما أن الرئيس مرسي حزين جداً لما يحدث، أو أنه يتمتع بما يعرف بالقوى الفعلية المستترة، وهذا الأسلوب ينتمي إلى العمليات النفسية، فعندما يهتم من حوله بحدث كبير يسعى هو إلى إنكاره". ولا يبرئ فرويز في تحليله المعارضة تجاه ما يجري قائلاً "قيادات المعارضة تشعر باليأس نظراً لسيطرة ما يعرف بأسلوب قلة الحيلة، لأنها لا تمتلك السلطة في يدها، كما لا تمتلك قاعدة شعبية عريضة، وهذا السبب يجعلها تقف مكتوفة الأيدي أمام الأحداث، فضلاً عن أنها لم تستطع حتى الآن اتخاذ موقف تجاه أحداث أزمة بورسعيد وغيرها من الأزمات، إلى جانب عدم اعتراف الشارع بهم كقيادات، أما الشعب الذي يدفع فاتورة ما يجري، فيعاني من عدم القدرة على تحمل الحياة الديمقراطية الجديدة التي أتيحت له فجأة دون تدريج، وهو يعاني من حالة أشبه بحالة المريض الذي وصف له الطبيب الدواء فتناوله على جرعة واحدة وليس بالتدريج، مما جعل حالته الصحية تسوء أكثر".

رؤية مختلفة

وعلى النقيض من الآراء السابقة يقول عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية أسامة حافظ في تصريحات إلى "الوطن": "مؤسسة الرئاسة تسعى جاهدة لوأد الفتنة المشتعلة في بورسعيد التي تشهد أعمال فوضى وبلطجة ليس لها معنى، ومحاولة بائسة لإثارة الشغب، وما يجري لا يعدو كونه أزمة مفتعلة ليس لها أسباب موضوعية. وفلول النظام السابق هم من يحركون الأحداث في بورسعيد".