يقول الطبيب أسعد عبدالماجد وداعا للأزمة الاقتصادية بعد أن وجد وظيفة في السعودية توفر له مرتبا أكبر بعشرين ضعفا مما يتقاضاه لقاء عمله في مستشفى حكومي سوداني، فيما يعزز ظاهرة هجرة العقول في البلاد.

وعبدالماجد ذو الـ29 عاما واحد من عشرات الآلاف من الأطباء والعاملين في المجال الصحي والفنيين والأكاديميين وغيرهم ممن يغادرون السودان بحثا عن فرص أفضل في الخارج، كما تفيد إحصائية حكومية.

وقال أسعد وهو يقف وسط جمع من السودانيين كانوا يكملون أوراقهم للسفر للعمل بالخارج في مبنى حكومي، "مرتبي في السودان 600 جنيه (حوالي 86 دولارا أميركيا وفق سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني في السوق السوداء)، والآن لدي عقد عمل مع مستشفى سعودي خاص بمرتب قدره ثمانية آلاف ريال (حوالي 2133 دولارا )".

وقال الشيخ بدر الذي يعمل طبيبا في وزارة الصحة السودانية "تزايد الهجرة وسط العاملين في الحقل الطبي السوداني هو استنزاف للعقول"، وترافقت الهجرة مع الزيادة في سوء الأوضاع الاقتصادية، بعد أن فقد السودان 75% من إنتاجه النفطي إثر انفصال جنوب السودان عنه في يوليو 2011، حيث فقدت العملة السودانية 40% من قيمتها منذ عام 2011 ووصل معدل التضخم وفق تقارير حكومية إلى 43% في يناير الماضي، فيما يقدر عدد العاطلين عن العمل بـ40% من جملة القادرين على العمل في البلاد.

وقال عبدالمنعم أحمد ذو الثلاثين عاما وهو يكمل إجراءاته في المقر الحكومي للمغادرة إلى السعودية "تخرجت من كلية الزراعة عام 2008 وحتى الآن لم أجد عملا".

ووفق دراسة أعدتها وزارة العمل السودانية، فقد غادر 94 ألف شخص السودان في 2012 ليلتحقوا بوظائف في دول أخرى مقارنة بـ10 آلاف عام 2008.

وأبرزت الدراسة أرقام المغادرين من العاملين في الحقل الطبي والأكاديميين والفنيين والذين يعملون في حقل التعليم، وإن كانوا لا يزالون يمثلون أقلية في أعداد المغادرين.

وقال محمد الجاك أحمد أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم "الاقتصاد يخسر الكثير بسبب الهجرة التي ازدادت أرقامها خلال السنوات الثلاث الأخيرة"، وأضاف الجاك أن أرقام الوزارة "قد لا تشمل حتى أعداد الذين غادروا من جراء عوامل غير اقتصادية".

ويجري التوظيف في المؤسسات الحكومية غالبا على أساس سياسي أو قبائلي أكثر منه على أساس الكفاءة، وانعدام التكافؤ جعل العديد من أصحاب العقول يرحلون، والحكومة تنفق نسبة لا تذكر من ميزانيتها على التعليم والصحة".

وتخصص الحكومة السودانية القسم الأكبر من ميزانيتها للأمن والدفاع، فيما تفيد دراسة وزارة العمل أن 1620 طبيبا غادروا السودان العام الماضي مقارنة مع 338 في عام 2008.