تجسيد الشخصيات العامة - دينية أم سياسية أم رياضية أم غيرها - في وسائل الإعلام هو جوهر العملية الدرامية. هل هناك عمل يؤرخ لسياسي ما، دون أن يقوم بتجسيد صورته وصورة المحيطين به!

تمر كل الأعمال الدرامية والبرامج التلفزيونية دون أي ردة فعل.. حتى تقترب من التابو المحرم.. الدين والجنس والسياسة.. بل حتى من الظلم مقارنة السياسي بغيره.. استطاعت الدراما العربية مثلاً تجسيد صورة عمر بن الخطاب والحسن والحسين وعدد آخر من الصحابة - رضي الله عنهم - بينما لا يجرؤ صانعو الدراما على الاقتراب من السياسي العربي!

قبل أيام ثارت زوبعة كبيرة بشأن قيام محطة (إم بي سي) بتجسيد شخصية الدكتور "محمد العريفي".. انقلبت القضية إلى معركة ضارية.. أقول هنا، طالما أن هناك ضمن العلماء من أجاز تجسيد شخصية الفاروق - رضي الله عنه - فلا حرمة لسواه.. أياً كان.. والذي أفتى بالجواز علماء ثقاة معتبرون.. من هذا المنطلق فإن تجسيد الشخصيات الدينية على اختلافها أمر مباح من حيث المبدأ - باستثناء المتفق على حرمة تجسيده - لكن - وهنا المهم - يجب على كاتب النص والمخرج والناشر - على حد سواء - إدراك البون الشاسع بين تجسيد الشخصية بعيوبها وأخطائها، إن وجدت، وبين تصفية الحسابات والسخرية والانتقاص من هذه الشخصية.

لذلك أعتقد أن المقطع الذي عرضته ( إم بي سي) والذي تمت خلاله السخرية من الشيخ "محمد العريفي" غير موفق إطلاقاً، وأوقع القناة في مأزق حقيقي.. فالأمر هنا لا علاقة له بالمهنية.. فرق كبير، كما قلت، بين تقليد وتجسيد الشخصيات العامة، والسخرية ومحاولة الانتقاص منها.