هناك مدينة جميلة جداً تتميز، بالإضافة لجمالها الرائع، بجمال طقسها في جميع أوقات السنة، ولكن المشكلة الكبيرة تكمن في كيفية الوصول لمدينة الأحلام. عرفت ذلك عن طريق بعض الرحالة الذين حاولوا الوصول إليها، ولكن وللأسف كان طريقهم غاية في الصعوبة والوعورة، وفوق هذا كله لم يستخدموا العربات المخصصة لوعورة هذا الطريق الذي سلكوه، ولكن الشيء الوحيد الذي سهل عليهم رحلتهم هو تجهيزهم بأجهزة لاسلكية، والتي كان لها دور فعال في إنقاذهم من أهوال هذا الطريق.
في ذات يوم استقبَلت محطة اتصالات لاسلكية رسالة استغاثة من الحملة التي ذكرت، وتم إرسال فريق من المختصين لإنقاذهم، وعند وصول رجال ونساء فريق الإنقاذ إلى الموقع، وجَه مسؤول فرقة الإنقاذ سؤاله لقائد الحملة بقوله: "ما الذي حملك على الدخول في هذه المغامرة الخطرة؟" فكان جواب قائد الحملة له: "ألا تستاهل مدينة الأحلام هذه المغامرة؟" فكان رد مسؤول فرقة الإنقاذ: "نعم تستاهل بكل تأكيد، ولكن لماذا لم تختر الطريق المعبدة لمدينة الأحلام؟"، هنا أصيب قائد الحملة ومن معه بالدهشة! وصاحوا بجملة واحدة: "أين هذا الطريق المعبد الذي تقول؟"، فقال لهم: "طريق الأنظمة".
مدينة الأحلام هي المدينة الخالية من جميع أشكال الفساد، وحملة الاستكشاف هي هيئة مكافحة الفساد، وحملة الإنقاذ تتكون من العقل والضمير والواقعية، والطريق الوعر هو إجراءات هيئة مكافحة الفساد الحالية، أما الطريق المعبد فهو ما يجب على هيئة مكافحة الفساد اتخاذه، ولكني لا أرى لهذه الهيئة النجاح باتجاهها التي هي عليه الآن، والسبب بسيط جداً، لأن بؤر الفساد ترعرعت وتكونت بمساعدة الأنظمة، فكيف تعالج الأعراض قبل معالجة أسباب هذه الأعراض؟ وهذا هو السبب الرئيس في إخفاق الهيئة في مهمتها في الوصول إلى المفسدين.
الأنظمة سلاح ذو حدين، فإذا لم تُسن هذه الأنظمة والقوانين بطريقة صحيحة وشفافة، أو أنها غير قابلة للتنفيذ، فستنعكس نتائجها على المجتمع بالدمـار. والسؤال الذي يطرح نفسه هو، كيف تُسن هذه الأنظمة بالطريقة الناجعة التي ذكرت؟ والجواب على ذلك صعب في وضعنا الحالـي، ولا أعتقد أننا سنصل إلى حل جيد حتى تتحد أغلب الأصوات، الحاكم والمحكوم معاً - ولا أقول جميع الأصوات لأن ذلك مستحيل - وذلك باتخاذ قرار "عفا الله عما سلف"، ونبتدئ من الآن بالمحاسبة الرشيدة عن طريق مجلس الشورى، وباستخدام آلية الدولة المتمثلة بهيئة مكافحة الفساد، وإلغاء نظام الخدمة المدنية الحالي واستبداله بنظامٍ يخول مسؤول الدولة من القيام بمسؤولياته، وليتمكن ولي الأمر من تطبيق النظام بحقه في حال إخلاله بالأنظمة.