في عمارة (يعقوبيان) للروائي المصري، علاء الأسواني، وقف الراوي بالمجاز على الرصيف المقابل للعمارة ثم قام بتفكيك كل الجدران كي تبدو أمامه صورة حية من الواقع وهو يصف نقائض الشخصيات في الشقق المختلفة كشيء يشبه تلفزيون الواقع. كان تشخيصا هائلا للتحولات وللطبقية صعودا أو هبوطا في الاجتماع المصري. وعلى طريقة علاء الأسواني، نحن نحتاج إلى طريقة تفكيك معقدة للبنيان، ومكلفة أيضا لفهم طبائع الشخوص والتحولات في المجتمع السعودي. وإذا ما احتاج علاء الأسواني لمجرد تفكيك الجدران ثم الوقوف على ناصية الرصيف المقابل لكشف ما يريد، فنحن بحاجة إلى رافعة عملاقة تهبط من الأعلى إلى الأسفل لترفع الأسقف واحدا بعد الآخر كي يشاهد سكان كل (سقف) اجتماعي طبيعة وحياة السقف الأدنى الذي يليه. وإذا كان هذا الخيال (البنائي) مستحيلا لأن البنيان برمته سيسقط مع خلع الأسقف: إذاً نحن بحاجة إلى المقترح البديل: أن نبتكر طريقة تكون فيها الأسقف من الزجاج الناصع الشفاف. نحن بحاجة إلى روائي يكشف (تلفزيوننا) الواقعي من فوق أسطح العمارة: من أعلى السطح الزجاجي المتخيل: نحن بطبقاتنا، وعكس الآخرين من حولنا مجتمع (هرمي) رأسي من الأسفل للأعلى ومن الأعلى للأسفل، وغيرنا كما برهن الأسواني، مجتمع أفقي تستطيع كشفه بمجرد هدم جدران الواجهة. نحن بناية ضخمة من ثلاث طبقات: في الأعلى يسكن البرجواز بمدخل خاص ومصعد سري لا يحتكون فيه مع سكان الدورين الأدنيين. في الوسط يسكن سواد الشعب في دور من شقتين أو ثلاث شقق بطبقات مختلفة، قد يستعيرون من بعضهم حالة نقص الملح والطماطم ولكنهم لا يعرفون أسماء بعضهم البعض في ذات العمارة وذات الدور. في الدور الأرضي شعوب هائلة مستوردة من كل حدب وصوب: لهم مدخل خلفي من الزقاق الخلفي وهؤلاء هم مطبخنا الاجتماعي والثقافي ولا أحد يدرك حجم الكارثة. غدا نكمل..