تهدد حادثة مقتل عشرات الجنود السوريين في كمين غرب العراق، بزج البلاد في أتون صراع دموي سعت بغداد لتفاديه خشية الإخلال بتوازنات محلية وإقليمية تحاول التوفيق بينها منذ بداية النزاع في سورية. وقتل أول من أمس 48 جنديا سورياً في كمين أثناء إعادة نقلهم لبلادهم التي فروا منها خلال اشتباكات مع مقاتلين معارضين عند معبر اليعربية بمحافظة الأنبار شمال غرب العراق السبت الماضي.
وحذر رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي الحكومة من إقحام الجيش في المعارك الدائرة داخل الأراضي السورية، مؤكداً أن هناك تحقيقاً جارياً لمعرفة تفاصيل ما حصل في منفذ اليعربية.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي أمس بمبنى البرلمان "ما حصل بمنفذ ربيعة والحدود العراقية السورية أمر لابد أن يراجع"، مشددا على ضرورة "إبعاد الجيش العراقي عن التدخل بالشأن الداخلي السوري وأن لا يقف مع أي جهة كانت". وأشار إلى أن "العراق يعاني من مشاكل كثيرة، ويجب أن ينأى بنفسه عن أي أزمات خارجية تؤثر على وضعه الداخلي". ولفت النجيفي إلى "وجود روايات تقول بأن الجيش العراقي تدخل لمساندة الجيش السوري ضد الجيش الحر، وروايات أخرى تقول العكس".
وكان رئيس مؤتمر صحوة العراق أحمد أبو ريشة، دعا ذوي الجنود العراقيين الذين قتلوا في الهجوم برفع دعوى ضد رئيس الوزراء نوري المالكي، معتبراً أن الأخير "أقحم أبناء القوات المسلحة في القضية السورية".
كما اعتبر النائب حامد المطلك عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان أن "ما حدث هو نتيجة لتأثير الإرادة السياسية الإيرانية على القرار العراقي"، مضيفا أن "لإيران طموحات سياسية ومصالح عدة في وضع العراق" وسط الأزمة. ويوضح أن "العراق بدأ يدفع فاتورة تأثير القرار الإيراني عليه وعدم استقلاليته في اتخاذ القرار الذي يصب في مصلحته". وبدوره يرى النائب محمود عثمان عن التحالف الكردستاني أن تورط العراق في الأزمة "ستكون له أبعاد طائفية وسياسية في العراق، لأن طبيعة الصراع في سورية طائفية وسياسية".
أما المحلل السياسي حميد فاضل فقال إن "النزاع بسورية ليس صراعا على الحكم فقط، بل له أبعاد إقليمية ستتأثر به تحديدا الدول التي تتنوع مكوناتها العرقية والدينية، وعلى رأسها لبنان والعراق". وأضاف أن التصعيد على الحدود العراقية السورية "سيعيد خلط الأوراق وسيزيد من خطورة الصراع الدائر في سورية، وهي رسالة واضحة لكل العراقيين بأن ما يجري في سورية" قد ينتقل فعليا للعراق. ويرى مراقبون أن محاولة بغداد موازنة مواقفها من الأزمة تعود إلى خشية الشيعة بالعراق من وصول السنة إلى سدة الحكم بدمشق.