طاش الرجل ومع التغير الأخير في الواقع السياسي المصري تحول لـ"صبي" عالمه في المولد الإخواني وصاحبه مرسي الغائب المغيب، يرسل منصور ويستقبل ويشيع ويحرض، منه وفيه وإليه وعبره، ملتقطا كل إشاعة نافثا في كل عقدة "يصل القوم على القوم"، كما في التعبير البدوي، مسعر حرب، ومؤجج فتنة، مسننا في ترس التعبئة الحزبية التي فقدت عقلها وأفكارها، غير مصدقة أن كفاح قرن من الزمن ضاع في بضعة أشهر بسبب التخبطات والاستحواذات والإقصاء.

عاد الإخوان لترويج المظلومية السياسية "لعبتهم القديمة" لكن تحت غطاء الشرعية والديمقراطية وأغلبية الصندوق والضغط الدولي ومؤسسات المجتمع المدني، لكن ذلك لم يجد نفعا حتى الآن، تحولت المسائل لدعومات معنوية ومؤازرة شعورية وبعد ذلك اقلب الصفحة في بلاد النيل. وفي مصر الإخوانية كان أحمد منصور يعد نفسه صاحب معروف كبير على الحركة فقد أسهم من خلال برنامجه "شاهد على العصر"، في تصفية الإرث الناصري كاملا من خلال السياسيين والقادة الذي شكلوا ملامح تلك الفترة من الزمن عبر استضافتهم في شاشة الجزيرة في حلقات طويلة ومتسلسلة تحولت بعد ذلك لكتب، وبعد ثورة الـ25 من يناير حاول الرجل "أسطرة" الدور الإخواني في الثورة ومنحه أبعادا وزخما ربما ليدفع اتهامات الممالأة والتضعضع.

أحمد منصور الذي عمل مديرا لتحرير مجلة "المجتمع" الكويتية ممثلة الصوت الإخواني الإعلامي في العالم قبل "الجزيرة"، تخلى عن الشاشة، لأن الظرف السياسي يستوجب النزول إلى الواقع والواقع المصري الحالي تعبر عنه الميادين، والميادين تريد التعبئة، والتعبئة تنشد الحشود، والحشود لإشاعات، والإشاعات لأكاذيب، والأكاذيب لمتخصص ومن بين الكنانة الإخوانية في الميدان ليس هناك سوى فتاها الأغر المغرور الذي نافح وروج وقاتل وقابل وكتب وتحدث وصرح ونقل، حتى حشرته الأيام في زاوية رابعة العدوية وأظن أن الخروج منها سيكون صعبا جدا، هذا إن حدث.