"فرح عارم يملأ قلبي، فساعة فرحي الكبرى ستبدأ بعد سويعات.. رفيقاتي ملتفات من حولي، ينتظرن الدخول معي إلى القاعة.. دخلنا الصالة، واعتليت منصة العروس، ومر الوقت، وبدأت الساعة تشير إلى الحادية عشرة، ومن المفترض أن يأتي العريس في العاشرة، أنظر إلى والدتي من بعد، وألحظ عليها علامات التوتر، وشقيقتي تروح وتجيء في الصالة.. توزع الابتسامات الباهتة على الحضور.. طال الانتظار واختفت ملامح الفرح، وكأن شيئا حدث، إلى أن تأخر الوقت وبدأ المعازيم بالانصراف، أدركت حينها أن أمرا مريبا قد حدث، وعلمت فيما بعد أن خلافا نشب بين أخي وشقيق العريس خلف أبواب الصالة، وما هي إلا لحظات حتى ارتفع صوت الخطاب، وتخندق كل طرف لرأيه دون أن تجد المشكلة من يضع لها حلا وسطا، فكان أن انتصر العريس لأخيه على حسابي، فتلفظ بيمين الطلاق"... هكذا روت "سراب" (20 عاما) تجربتها الأليمة، تقول بحسرة: "الفرح تبدد في لحظة، وأصبحت مطلقة على منصة العروس". وتابعت "مرت سنوات خمس على هذه الحادثة، وما زلت أدفع ثمنها إلى الآن، فكل فرصة زواج جديدة تنتهي بالفشل بسبب رفض أسرة المتقدم زواجه من مطلقة، وهي مشكلة تعاني منها العديد من الفتيات اللواتي لا يملكن خيارات في مجتمع يهتم بالمظاهر"، مشيرة إلى أن هناك شبابا لا يبالون بمثل هذه التقاليد الشاحبة، ولكن أسرهم ترفض ارتباطهم بفتيات سبق لهن الزواج حتى لو كان عقد قران فقط.

"هند" أيضا عقد قرانها على شاب قريب للعائلة ولكن ذلك لم يدم طويلا، فقد كان الفارق بين عقد النكاح وصك الطلاق ستة أشهر، وعن السبب تقول: "لم أكن طرفا في الخلاف، لا أنا ولا زوجي الذي لم ألتق به، بل كان بين والدتي وأمه، وتعصب كل طرف لرأيه، وكانت النتيجة الطلاق قبل الزفاف". مشيرة إلى أنها تدفع ثمن ذلك، قالت: "كلما تقدم شاب لخطبتي، وعلمت أسرته بتجربتي السابقة، تنهال علي الأسئلة حول أسباب طلاقي، وينتهي الأمر بالذهاب دون عودة". وأضافت "أرفض تماما نظرة الشك في عيون الآخرين، خاصة ممن يتقدمون لخطبتي، وأرفض تقديم تبريرات لخلاف لم أكن طرفا فيه. ومما يثير الحزن أن الفتاة تختلف في مثل هذه الحالات، فالشاب له النصيب الأوفر من النجاح في حياته، حتى وإن كان مر بذات التجربة". وتساءلت "هند": لماذا الشاب الذي لم ينجح في تجربة سابقة لا يعامل كما تعامل الفتاة؟ وهل كلمة مطلقة في الأوراق الرسمية تعني أن الفتاة مذنبة؟ ولماذا تصر بعض الأسر على التمسك بتلك المعتقدات لتحكم على حياتنا بالفشل الدائم، فيصبح الطلاق وصمة عار كتبت على من تزوجن على الورق فقط؟.

وعن الأضرار النفسية للطلاق قبل الزواج قالت أخصائية الإرشاد النفسي، مريم العنزي، إن "الطلاق الذي يبدأ قبل إتمام الزواج، يؤثر تأثيرا سلبيا على الفتاة، حيث تحاط بهالة من الشعور بالإحباط، والتعاسة، والحزن، بعد ذلك يخيم عليها الشعور بالوحدة والانعزال نتيجة لشعورها بالظلم والقهر والإحساس بالإهانة والغبن، خاصة عندما تصعق الفتاة في اللحظات الأخيرة من إتمام الزواج بإعلان نبأ طلاقها وهي في أوج فرحتها، مما يحدث لها صدمة كبيرة تنقلها من الفرح إلى الحزن فجأة وبدون مقدمات.

وتشاطرها الرأي أخصائية علم الاجتماع، عنود السالمي، التي تؤكد على أن شيوع الطلاق قبل الدخول والزفاف يعطي مؤشرا لضعف الروابط بين أفراد المجتمع، ولا تقتصر آثاره على الشاب والفتاة بل تتعداهما إلى أبعد من ذلك.. إلى المجتمع ، فالأزمات النفسية التي تحيط بهما من الصعب تجاوزها، وإن كانت لدى الفتاة أقوى تأثيرا، فالنظرة المجتمعية للمطلقة مازالت عالقة في مجتمعاتنا رغم التوعية التي شهدناها مؤخرا. وتابعت السالمي قائلة: من المهم جدا توعية نواة المجتمع، وهي الأسر، حول تلك الحالات، فلا يمكننا الحكم مسبقا عليها، فالطلاق بكافة أشكاله مشكلة اجتماعية تشكل تصدعا في العلاقات الإنسانية، وبالتالي الانهيارات المتتالية داخل المجتمع.