كل عام نزيل الغبار عن المشكلة نفسها.. وكل عام نكرر الكلام نفسه.. وكل عام نتبادل الآراء نفسها.. إلا هذا العام زادت التهم..!

قبل كل رمضان، يتصدر موضوع الأسعار المواضيع الصحفية التي تطرق.. ولم يحدث أي جديد فيها، فلا الشكوى زالت، ولا المشتكي سكت، إلا أن الجديد أن الاقتصاديين دخلوا على الخط، ووقفوا في صف المسؤول، بعدما كانوا لسنوات في صف المواطن..

فقد كان المسؤول وحده يتهم المواطن بالتسبب في ارتفاع الأسعار، حتى وصل الأمر بأحد المسؤولين إلى أن دعا المواطن لشراء السلع "الرخيصة"، وتجنب شراء السلع الجيدة.. هكذا كان الحل في الماضي، فتطور الأمر وانتقلت "عدوى" الاتهام إلى خبراء الاقتصاد الذين أقروا أن "المواطن" كان سببا في ارتفاع الأسعار بتصرفاته..!

هنا في "الوطن" أكد اقتصاديون أن "الشراء العشوائي" الذي يمارسه المواطن استعدادا لرمضان هو أحد أسباب ارتفاع الأسعار، كذلك اتهموا المواطن بقلة "الوعي الشرائي"، وعدم التخطيط المالي المسبق قبل التسوق، وعدم موازنة احتياجات الأسرة بدخل الأسرة المادي..!

يوحي لك تحليل الاقتصاديين أن مسألة الشراء العشوائي جديدة على المواطن، وأن قضية "قلة الوعي الشرائي" هي نتاج دراسات دقيقة قاموا بها لبحث أسباب ارتفاع الأسعار قبل رمضان، ولم يصلوا إلى نتيجة هذه الدراسات إلا هذا العام..!

وبناء على تحليل الاقتصاديين "العجيب" فإننا قد ظلمنا "التجار" لسنوات حين كنا نتهمهم برفع الأسعار واستغلال المواسم.. وظلمنا كذلك وزارة التجارة حين اتهمناها بعدم مراقبة الأسواق وعجزها عن ضبط الأسعار..!

اعتقد أن جزءا من واجب توعية المواطن يقع على خبراء الاقتصاد والصفحات الاقتصادية، وجزءا منه يقع على وزارة التجارة، لذلك قلة الوعي ليست عيبا في المواطن وحده، بل تتجاوزه إلى ضعف دور الخبراء ووسائل الإعلام وغياب وزارة التجارة.

(بين قوسين)

المواطن لا يريد "كلاما" من وزارة التجارة بأنها ستفعل وستوجه، ولا يريد كذلك تحليلا من الاقتصاديين بأن هذا سبب المشكلة أو ذاك.. بل يريد زوال المشكلة.