أعلنت وزارة الصحة هذا الأسبوع أنها ستتمكن من التعامل مع فيروس كورونا خلال موسم العمرة عبر تطبيق نظام الترصد الوبائي ومناظرة القادمين لأداء المناسك عبر المنافذ عن طريق أخذ عينات من المرضى الذين تنطبق عليهم أعراض تعريف الحالة حسب تعريف منظمة الصحة العالمية وتوجيهات اللجنة العلمية الوطنية.
هذا الإعلان الهام أتى قبل أسبوع من استقبالنا للشهر الكريم وموسم العمرة لهذا العام، وهي خطوة حيوية ومهمة لاحتواء التفشي الحالي لفيروس كورونا في مناطق المملكة المختلفة ومنع انتشاره بين المعتمرين، لا سمح الله.
الترصد الوبائي الذي أعلنت عنه وزارة الصحة أتى على خلفية قلق الوزارة من أن يأتي أحد معتمري الخارج بالفيروس لموسمي العمرة والحج لهذا العام. وتستند الوزارة في قلقها هذا على أن بعض دول المعتمرين والحجاج تفتقر لأنظمة الرقابة الصحية المتقدمة، وليس لديهم معلومات بشأن انتشار المرض.
يبدو أن وزارة الصحة تناست أن 80? من حالات فيروس كورونا العالمية موجودة محليا لدينا، ويبدو أنها غضت البصر عن الحراك العالمي حتى من قبل الدول الفقيرة التي تفتقر لأنظمة الرقابة المتقدمة منذ أشهر، والذي أتى كاستجابة لتوجيهات منظمة الصحة العالمية للدول بتعزيز أنظمة ترصدها لمجابهة خطر عدوى هذا الفيروس.
يبدو أيضا أن الوزارة تناست أن تعريف منظمة الصحة العالمية لحالات "الاشتباه" لا يتطلب وجود فحص مخبري إيجابي للفيروس. وتناست أن الدول لا بد أن تقوم بتبليغ المنظمة بالحالات المؤكدة والحالات المشتبه بها خلال 24 ساعة، وبالتالي فإنه حتى الدول التي لا تملك أنظمة رقابة متقدمة ستقوم بالتبليغ عن وجود حالة "اشتباه" لديها متى ما استقبلت مريضا بالتهاب رئوي حاد، مستندة على التشخيص السريري أو الإشعاعي وقيامه بزيارة لإحدى الدول التي سجلت حالات مؤكدة أو قيامه بمخالطة حالة أخرى مؤكدة مخبريا من دون الحاجة للتأكيد المخبري، حيث إن مريض الالتهاب الرئوي هذا ما زال في مرحلة الاشتباه.
أتفهم قلق الوزارة لو أن سببه كان فترة الحضانة الطويلة للفيروس والتي قد تمتد لأسبوعين قبل أن تظهر أي أعراض على المصاب، وهو ما يعد تحديا كبيرا للوزارة مع معتمري وحجاج الداخل والخارج، مما يصعب عليها مهمة مناظرتهم لترصد أعراض لم تظهر بعد.
نظام الترصد الوبائي نقطة تحول مهمة وفاعلة في التعامل مع تفشي كورونا الحالي متى ما تم تطبيقه على الأشخاص القادمين من المناطق التي سجلت العدد الأكبر من الحالات، أي معتمري وحجاج الداخل، ولابأس أن تطمح الوزارة لتطبيق النظام بشكل أوسع ليشمل القادمين من بقية دول العالم والتي سجلت مجتمعة 20? فقط من الحالات العالمية حسب ما ذكرته بلاغات وتحديثات منظمة الصحة العالمية حتى اليوم.
ذكرت الوزارة في تصريحها أن الطواقم الطبية الوقائية والممارسين الصحيين في المنافذ يقومون على مدار الساعة بتطبيق نظام الترصد الوبائي ومناظرة القادمين أثناء الدخول في المنافذ، وعليه فإني كنت البارحة في حوار حماسي فخور مع أحدهم عن الخبر على متن رحلتي القادمة من الولايات المتحدة الأميركية لمطار الملك عبدالعزيز الدولي. وصلت جدة والحماس يملؤني لمشاهدة أفراد طاقم بوابة مكة المكرمة الجوية لتحيتهم وشكرهم على جهودهم في مجابهة عدوى الفيروس المجهول، بل وصل الحماس لمراقبة أحد المسافرين الذين أقلقهم السعال المستمر، وسرح خيالي في كيفية تعامل طاقم وزارة الصحة الوقائي معه حال نزوله من الطائرة. وصلنا لأرض مطار جدة وتجاوزنا الجوازات والأمتعة وخرج مسافرنا بسعاله، شفاه الله، وخرجت بخيبة أمل من طواقم وقائية افتراضية لا وجود لها، ولا وجود لتوعية عما تقوم به إن وجدت، ولا وجود حتى للوحة إعلانية: "قريبا وبمناسبة الشهر الكريم، طاقم وقائي للترصد الوبائي بمطار جدة، مع تحيات وزارة الصحة".