بدأت أهمية أعمال التطوع في المجتمع في الظهور بقوة في العديد من الأحداث التي شغلت الرأي العام، وبدأت تتخذ حيزا أوسع بالامتداد إلى أعمال الخير ومساعدة المحتاجين. ونظراً لإقبال العديد من الشباب والفتيات على الأعمال التطوعية علت أصوات بضرورة تنظيم وتنسيق تلك الجهود الشابة لتحقيق أقصى فائدة ممكنة منها. وهناك من طالب بضرورة فرض العمل التطوعي على خريجي الجامعات ليشكل التزاما نظاميا لهم.
وكان الأمين العام لجمعية العمل التطوعي السعودية، محمد البقمي، ممن طالبوا بتضمين التطوع في المؤسسات التعليمية والتعليم العالي، حيث يرى أنه يجب أن يطلب من كل شخص عدد ساعات من العمل التطوعي عند التخرج والمفاضلة الوظيفية. وتساءل البقمي في حديث لـ"الوطن" عما يتناقله البعض من تهم للمتطوعين ومبادراتهم الإنسانية وتعليقها بحب الظهور، قائلاً "ما المانع أن يكون التطوع "برستيجا" اجتماعيا؟"، متسائلا: هل المغني أو لاعب الكرة أفضل بكثير من المتطوع؟ ويعقب البقمي في إطار حديثه عن الشهرة والقدوة قائلاً: كم من فتياتنا من تود أن تكون مثل هذه المطربة أو تلك؟ وكم من شبابنا من يتمنى أن يصبح مثل المطرب الفلاني؟
ورد البقمي على من ينتقد شباب التطوع بتأكيده أن التطوع ميزة يتميز بها المتطوع عن غيره، ويبرز ذلك في سيرته الذاتية، مؤكداً على ضرورة وجوب تقدير المتطوع ليكون قدوة للمجتمع، مطالباً بإظهاره بصورة البطل، حيث قال إنهم يعملون في الجمعية على أن يكون المتطوع قدوة لشباب المستقبل. وأضاف أنه عندما يتم إظهار المتطوع بصورة البطل فإن هذا يعتبر ميزة ويعمل على تحفيز الناس ليكون المتطوع قدوة لهم. واستدرك قائلا: لكن هذا بالضرورة لا يعني أن يكون "البرستيج" والشهرة هدف المتطوع في المقام الأول. وفي إجابة له عن المعايير التي تحكم عمل المتطوع ودرجة تميزه، ذكر أنه يجب أن يتم تقييم المتطوع حسب معايير خاصة تكون عامل جذب لغيره من الشباب، معقبا بأنه لا يوجد نظام يحفز المتطوع تجاه العمل التطوعي الآن إلا الدوافع الداخلية لدى الشخص.
وطالب البقمي بضرورة تضمين تلك المعايير في المؤسسات التعليمية والتعليم العالي، بحيث يطلب من كل شخص عدد ساعات تطوع عند التخرج والمفاضلة في الوظيفة، وألا يحصر في منهج يدرس فقط، مبينا أنهم في الجمعية طبقوا مثل هذا المشروع على عدد من المدارس، متمنيا أن تعمم تلك التجربة، بحيث ينفذ الطلاب أعمالا تطوعية في نفس الحي ويحسب لهم ذلك في صورة نشاط لا منهجي. ونوه البقمي بأن الأخطاء والمخالفات التي يقع فيها المتطوعون هي جزء من أخطاء المجتمع نفسه، وقال "من الظلم تحميل المتطوعين والعمل التطوعي تلك الأخطاء، وحدهم، ويجب أن يكون المجتمع صبوراً على أخطاء المتطوعين"، مشيراً إلى أن المرحلة العمرية للمتطوعين غالبا ما تكون بين 18-25 سنة، وهي فترة مليئة بالحماس والنشاط والرغبة في إثبات الوجود، كما أنها مليئة بالأخطاء بحكم الحماس الزائد وقلة الخبرة. ويفضل البقمي ألا يبحث المجتمع دائما عن سلبيات المتطوعين، وأن نعمل جميعا كمختصين ونظام وأسرة على سد الثغرات التي فيها مخالفات واحتضانها بشكل رسمي، وألا تكون المبادرات بدون رقابة، منوها في الوقت ذاته بضرورة عدم قمع تلك الأخطاء وتكبيرها بعدسة مكبرة، وقال "إننا سنشوه ونوقف العمل التطوعي وانتقاله للمجتمع بذلك"، وأكد أن اندماج الآباء والمهتمين مع المتطوعين سيقلل من تلك الأخطاء بشكل كبير جدا.