ومثلما استمعت إلى آمالها الحزينة بالأمس، سأدعوكم اليوم أن تستمعوا إلى ذات الآمال والأماني على لسان أختكم الكفيفة. تتحدث أختكم، وبنت بلدكم، عن أربع كفيفات آخريات يبحثن عن محسن كريم يبث في هذه العيون المظلمة أنوار الحياة من جديد ليشتري لهن أحدث أجهزة حلم (برايل سنس) الذي تستمع به، ووحدها، منذ أشهر، وكيف غير هذا الجهاز المدهش حياتها، فلا حلم لديها إلا أن ترى أخواتها الكفيفات الأربع، من دائرة معارفها، وقد شاركنها هذه المتعة. تقول لكم أختكم الكفيفة الشابة إن بضعة وعشرين ألف ريال من محسن كريم قد اشترت لها بوابة جديدة للحياة: تقول لكم جميعاً إنها حفظت القرآن الكريم غيباً عبر أصابعها على أحدث أجهزة برايل، وإنها تستطيع البحث عبره على كل صحاح الحديث الشريف، وتقرأ عبره أيضاً مئات الكتب المحملة على هذا الجهاز الأعجوبة. تقول لكم أيضاً، إنها تدعو أخواتها الكفيفات إلى دورة يومية، لمرة في الأسبوع، في منزلها للتدريب على هذا الجهاز الذي يجعل من قدر الله عليهن (بالعمى) نعمة تتحول إلى حياة كاملة ومبصرة. تشرح لي بالأمس كيف استطاع هذا الجهاز أن يغير كل تفاصيل حياتها ليجعلها (مبصرة) مكتملة تستخدم أجهزة الاتصال وتكون جزءاً من مجموعات (الدردشة) على (الواتس) وتبدأ حتى حياة الزوجة مع مقادير الطبخ وقراءة الوصفة العلاجية لأخيها الأصغر.
وعلى أبواب الشهر الكريم، هذه دعوة مرسلة لمن أراد أن يشتري عيوناً مبصرة لحياة هؤلاء الكفيفات الأربع. نحن أيها السادة: من يشتري الناقة بالملايين، ونحن أيضاً من يصرف مبلغ هذا الجهاز في مجرد قيمة تذكرة سياحية. نحن في حالات كثيرة، من يشتري فستان السهرة بقيمة هذه الأجهزة الأربعة مجتمعة لمجرد ليلة شاردة دون أن نعلم أن (الفستان) وحده قد يشتري حياة أربع بنات كفيفات لألف ليلة وليلة. وحين بكت هذه الأخت في نهاية مكالمتها بالأمس سألتها: ولم الدموع؟ فأجابت: لأنني أحلم لأخواتي الفقيرات الكفيفات بدائرة حياة، إلى كل الحياة، من بيوتهن، كي نسهر معاً على أحلام هذا الجهاز في كل ليلة....!!