هنالك لغط كبير يدور في دهاليز الثقافة ومجالس المعرفة، بل يتجاوز ذلك إلى تجمعات العامة حول قضية القلم والكاتب فلمن يكتب الكاتب وما الفئة المستهدفة من ذلك؟ الكتابة عالم واسع جدا وتتميز بالحرية في الاختيار، فتجد الكاتب يكتب عن كل شيء يراه ويتمناه ويتوقعه، ولكن السؤال المطروح هو كيف يكتب وهل يكتب للنخبة أم يكتب لكل؟ وهل النخبة حقيقة موجودة أم إنها قصة من وقع الخيال، كما يقول الكاتب (أسامة يوسف)، إنه لا توجد نخبة ولكن قد يوجد مثقف وأقل ثقافة!

وهل العامة يهتمون بما يكتب أم إن جميع المقالات تذهب أدراج الرياح؟ أم إن الواقع الآن مع الفيسبوك وتويتر جعل الناس لا يحبذون المقالات الطويلة ويفضلون تغريدات شاردة ومقتضبة وسريعة، فالقراءة الطويلة تتعبهم وكما يقول أحدهم (هات الزبدة)، وآخرون يدعون بأن بعض الكتاب لا يفهمهم أحد وكأنهم يكتبون لأنفسهم، وهذا لا يعقل فالمطلوب من الكاتب أن يكتب للناس وينتظر الثناء منهم أو النقد البناء.

وإذا عدنا للكتاب فسنجدهم متباينين في تعاطيهم مع شأن الكتابة فبعضهم يفضل الكتابة الرمزية، وبعضهم يفضل الكتابة المباشرة، وبعضهم يفضل الكتابة المبسطة جدا، وهكذا دواليك، فالذنب إذا ليس منهم كما يقولون وإنما يعود إلى القارئ وخلفيته الثقافية وذائقته الأدبية وقدرته على فهم النص المترامي بين يديه. الكتابة إدمان حلال، وطريقة إنشاء النص وصناعة المقال إدمان أيضا، فمن أدمن الكتابة الرمزية فلن يحيد عنها، ومن أدمن المباشرة فلن يتحول عنها وعلى القارئ أن يتفهم ذلك، وإذا تجاوب الكاتب مع كل القراء فلن يرضي أحدا، فرضا الناس غاية لا تدرك فقد يكتفي الكاتب بإرضاء نصف القراء وترك البقية حائرين فيما يقول لدوافع تخصهم منها شيء يتعلق بثقافتهم ومنها شيء آخر يتعلق بالحدث الدائر الذي نبع من فيضه ذلك المقال.

ففهم الواقع ومتابعة الحدث عنصران مهمان في فهم مضامين المقال، فإذا لم تكن متابعا جيدا، لم يتسن لك فهم ما يريده الكاتب من مقاله.