بالرغم من استقالتي من هيئة حقوق الإنسان منذ فترة، إلا أنه لا يزال هناك سيدات يتصلن بي ليحكين لي قصصهن المأساوية، وكلها تتمحور تحت عنوان عريض موجع، وهو خيانة ولي الأمر لولاية الأمر التي منحها له الشرع، إضافة إلى تغطية هذه الخيانة الإنسانية والشرعية بطرق عديدة من القضاء إلى قوانين المجتمع إلى مراكز الشرطة.. جميعها لديها ذات الأجندة في مسألة ولاية الأمر بالنسبة للأب على بناته، حيث لا توجد حماية لهن في حالات العنف أو التعسف في حرمانهن من الزواج، إذ تنفذ سطوة الأب الظالم على حساب الفتيات المظلومات بإعطائه الصلاحية الكاملة لتجريدهن من أهم حق إنساني وهو "الزواج". والمأسأة التي وردتني هي لخمس أخوات تم عضلهن من قبل من أب ولي ولاية فتعسف فيها، وولي أمانة فخانها.

تقول السيدة المتحدثة عن بقية أخواتها: "أنا وأخواتي فتيات معضولات، وما زلنا حتى الآن. طرقنا كل الأبواب واستنفدنا كل المحاولات الودية، ووصلنا إلى منصة القضاء، وهيئة حقوق الإنسان، حيث لم نجد أي موقف حقيقي للهيئة، وموضوعنا لديهم منذ سنتين.. يماطلون وما زالوا، ونعاني من تهاون القضاء في المتابعة أو الأمر بإحضار المدعى عليه، ومجاملة رجال الشرطة لعائلتنا. وبعد وضع جوال الأب تحت المراقبة وبعد تبليغه هاتفيا حضر في وقت الجلسة، وبعدها حكم القاضي بإصلاح ذات البين، علما أننا نرفض الصلح، لأننا نعرف والدنا وما يستمر عليه من العناد والرفض والظلم. وكان الوضع بعد صدور الصلح ليس له معنى، فما زال مستمرا في عضله وظلمه لنا نحن الأخوات الخمس، وأبلغنا القاضي أنه ما زال يعضلنا. وطلبنا فسخ الولاية فقال القاضي ارفعوا لائحة اعتراض، وحين رفعنا لائحة اعتراض تم رفض الاعتراض من قبل القاضي!! فمن ينصفنا؟؟ والأمر لله". تقول السيدة: "عتبي الآن ليس على والدنا، بل على جميع من وصلت قصتنا له ولم يقف معنا، بدءا من القاضي و"حقوق الإنسان"، وكل صاحب قرار يقرأ قصتنا ويمضي.. نحن خمس فتيات أعمارنا ما بين (30 و45 ونحن معلمات).. الأزواج الأكفاء وأصحاب الدين يذهبون الواحد تلو الآخر".. هذه الكلمات غيض من فيض.

لماذا قضايا النساء عالقة على هذا النحو؟ حقوق الإنسان تتبنى مشروعا ضخما تحت مسمى "الاتجار بالبشر"، ولا أعلم عن أي بشر يتحدثون إن لم تكن قضايا النساء المعضولات عن الزواج لأجل مالهن تندرج تحت الاتجار بالبشر. من الضروري والإنساني تشكيل قوى ضغط من أجل تغيير أوضاع النساء المتقدمات بقضايا عضل لدى القضاء السعودي، باعتباره المخول بالحقوق، وذلك بهدف استصدار نص تشريعي قضائي، يضمن للمرأة حقها عند تعرضها لظلم العضل وخيانة الولاية والأمانة من الآباء ضعاف النفوس. أضم صوتي لصوت الأخوات الخمس المعضولات بالمطالبة بتعويض مادي ونفسي وتحرك عاجل لإنقاذ حياتهن. ومن ذا يرجع العمر إذا انقضى؟.. فقد شارفن على الخمسين حسب روايتهن.. والله المستعان.