خلال الأيام الماضية مررت بأحد المجمعات وهناك تبادر إلى ذهني استغلال شركة بعينها للزبائن، ومن هنا قررت طرح القضية التي قتلت بحثا لعلنا نحرك المياه الراكدة.
لقد قررت وزارة التجارة والصناعة رد ثمن البضاعة في حالة كانت معيبة أو مغشوشة، ولكني هنا أستفسر عن الحق الضائع للمستهلك السعودي أو المقيم بيننا، حق تغاضت عنه الوزارة وهو حقه في استرداده ثمن بضاعته إذا وجد أن ما اشتراه لا يؤدي الغرض المستهدف منه، أو لأنه وبكل بساطة لا يناسبه، أو حتى أنه غير رأيه فيه، فقد تشتري سيدة ثوبا لابنتها لتجد أن ابنتها غير راغبة به، بل وغير راغبة ببضاعة المتجر ذاته، أو لغير ذلك من أسباب تستدعي استرجاع الثمن لا تتعلق بعطب البضاعة أو وجود عيب فيها.. ولكن المضحك أن شركة بعينها استأثرت بمعظم المحلات في أحد المجمعات الكبيرة في الخبر، تصر على عدم استرداد المستهلك لثمن بضاعته ولو بعد دقائق من شرائها، بل حتى وهو في المتجر لم يغادره بعد، بل حتى ولو وهو واقف أمام الصراف ولم يتم استلام البضاعة، فإذا دفع الثمن ودخل الخزنة فمن المحال أن يسترجع الثمن! ومن الطبيعي أن يكون متحكما في المستهلكين بهذا الشكل ما دامت الوزارة مكنته من ذلك.
والمحزن أن المستهلك عند إظهاره استياءه من عدم استرجاعه لثمن بضاعته بعد ساعات من شرائها يعلن البائع بأنه ملزم بسياسة المتجر، فالأمر لا نقاش فيه ولا جدال، ولكني أستنكر من تلك الشركة التي استأثرت وإلى حد الاحتكار بنوعية من البضائع ليست في المملكة العربية السعودية فحسب، بل في الخليج أيضا، أنها لم تكلف نفسها بكتابة إعلان واضح ينبه المستهلك لسياستها، فهو لا يعرف بها إلا بعد استلامه للفاتورة، هذا لو توقف ونظر للجهة الخلفية منها، وهو على الأغلب لن يفعل، ولكنه إذا أعاد البضاعة سيصدم بأن ماله حجز وهو ملزم بشراء بضاعة أخرى قد لا يحتاجها بالفعل وخلال فترة لا تتجاوز أسبوعين!
والغريب أن هذه الشركة في موطنها الأم وهي دولة خليجية تضع لوحة سوداء بحجم كبير، وقد كتب عليها بخط واضح سياسة المحل، ومع أن ما كتب فيه إجحاف كبير للمستهلك، لكنها على الأقل قامت ونبهته بسياسته وإجحافها.. بل ذكرت ما أطلقت عليه (بطاقة) تدخل فيها ثمن البضاعة التي لا يرغب المستهلك بها، ليستخدمها كرصيد محجوز لأشهر معدودة، ومن هنا أستفسر ما سبب تغييب سياستها عن محلاتها القابعة على صدورنا؟! هل يعني ذلك أنها لا تحترم المستهلك السعودي أو من هو سائر على أرضه أو أنها تستخف بنا.
كمواطنة سعودية أدرك تماما حقي كمواطنة وحقي في خدمات توفرها لي الجهات المعنية، ومن هنا أطالب (وزارة التجارة والصناعة) بإعادة النظر في قرارها القاضي باسترجاع ثمن البضاعة المعيبة أو المعطوبة فقط، والتدخل لتحديد أسبوع أو ثلاثة أيام لاسترجاع المستهلك ثمن بضاعة لم ترق له، شرط أن تكون بحالتها الجديدة، ويكون قرارها هذا عامة لكافة البضائع باستثناء بضائع خاصة ومعينة لا تسترد أو تستبدل وهي معروفة في الأسواق العالمية.
ليت وزارتنا تفهم أن المستهلك في دول العالم ينال حقه هذا، وأن بعض المحلات الناجحة في بلادنا تمكن المستهلك من استرجاع ثمن بضاعته، بل إن بعضهم يتصل بالمستهلك لإعادة ما أخذ منه وبالخطأ، أذكر هنا أن البضاعة بيعت لقريب لي بالسعر الأساسي، في حين كانت خاضعة للخصم، وهكذا تم الاتصال به لاسترجاع مبلغ من المال وصل إلى 300 ريال، وليتني أستطيع كتابة اسم هذا المحل، علما بأن البائعين فيه كانوا من الوافدين.
لقد غادرت المجمع ذلك اليوم لأتأمل ظروف زميلات في العمل يعملن في وظائف بسيطة، زميلات أعلم بحالتهن وظروفهن، وهي ظروف تشابه ظروف الكثيرات ممن أعرف، هؤلاء يساعدن أزواجهن في تكاليف الحياة، تخيلت ظروفهن إذا صادف ودخلت إحداهن وأسرتها لأحد محلات هذه الشركة وهذا متوقع.. فهذه الشركة تحتكر العلامات التجارية الخاصة بملابس الأطفال والنساء والرجال وكذلك التجهيزات المنزلية، ومنها ما هو متوسط السعر والرخيص وغالي الثمن، وبالتالي فأينما توجه المستهلك فسيقع في المصيدة، فمتاجر هذه الشركة قابعة في الشمال والجنوب شرقا وغربا.
أنا في الواقع لا أفهم ما الذي ستفعله الأسر البسيطة في موسم كموسم الأعياد إذا ما اشترت بضاعة ما، وهي متيقنة أنها قادرة على استرداد الثمن الذي دفعته إذا اتضح لها عدم مناسبة البضاعة لها، وأنها ستتمكن من شراء غيرها، لتفاجأ أن مالها قد حبس ولا أمل باسترجاعه، وأنها ملزمة بشراء بضاعة أخرى من المحل نفسه ولفترة لا تتعدى الأسبوعين من تاريخ الشراء، وإلا فلا مال ولا بضاعة بديلة، وعلى مالها السلام.. وعلى فرض أنها تعرف بسياسة الشركة وترفض التعامل معها، فهي جاهلة بكافة المحلات التي تملكها لكثرتها وتشعبها، وبالتالي ستقع في الفخ لا محالة، ماذا ستفعل هذه الأسر أمام التزاماتها المتعددة في مواسم كرمضان والأعياد والمدارس مثلا؟!
وأخيرا؛ نريد استرداد ثمن البضاعة لا استبدالها، نريد تطبيق النظام المتبع عالميا في هذا الشأن.. ففي دول أوروبا وأميركا وآسيا يستطيع المستهلك استرداد ثمن بضاعته لأنه وببساطة غير رأيه بها ولم تعجبه ولم تناسبه، والله المستعان.