من الواضح أن سلطة الحكم في مصر لا ترى الفشل السياسي المتمثل في عدم احتوائها لمعارضيها والاتفاق على أي شكل من أشكال التعايش، والاكتفاء بمشاهدة حالة الغضب والغليان التي تسود الشارع المصري دون الوقوف على أسبابها ومسسبباتها ووضع الحلول المناسبة التي تساهم في التهدئة والاستقرار.. كذلك السلطة تغمض عينيها عن الفشل الاقتصادي المتمثل في تآكل الاحتياطي الأجنبي، وانخفاض قيمة الجنيه، وهروب المستثمرين، وعزوف السياح عن زيارة مصر، وخروج شركات المقاولات من السوق وما يسببه ذلك من إضافة أعداد كبيرة من العاطلين الذين يتحول جزء كبير منهم الى أداة للحرق والتخريب، كما نشاهد على شاشات التلفاز.
أما الفشل الاجتماعي فيتمثل في عدم تحقيق العدالة الاجتماعية التي وعد بها الشعب، بل زادت أزمات الخبز والمحروقات والسلع الأساسية، ومعها بالطبع زاد السخط الشعبي والحنق على السلطة والحكومة.. كل ذلك لم يشكل لدى السلطة أية مخاوف أو حتى جرس إنذار لتطوير أدائها ويحفزها على البحث عن حلول بها تستطيع نزع فتيل تلك الأزمات. أما وأن هذا لم يحدث فنحن أمام طريقين لا ثالث لهما، الأول، تزايد السخط الشعبي تحت وطأة سوء الأحوال المعيشية، وسوء أداء السلطة التي لم تثبت حتى اللحظة أنها كانت على مستوى طموح قطاع كبير من مؤيديها، فضلا عن كل معارضيها.. وهذا يقلص بطبيعة الحال من المساحة التي تتحرك فيها السلطة إلى أن تجد نفسها مجبرة على الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة كوسيلة مقبولة للخروج من الأزمة، وكيف ذلك وقد فقدت من رصيدها الكثير لدى الشارع؟!
الطريق الثاني، عدم تجاوب السلطة مع متطلبات المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد من فتح الباب لحوار جاد، والاتفاق على وضع حلول عاجلة لمعظم نقاط الخلاف، خاصة فيما يتعلق بتغيير الحكومة أو بعض مواد الدستور أو تغيير النائب العام، فهذا من شأنه زيادة العزلة التي تعاني منها السلطة في الآونة الأخيرة.
وما بين فشل السلطة السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبين تمسكها بالحكم لآخر نفس، وعدم الاستجابة للمطالب المشروعة فإننا نأمل أن تحمل إلينا الأيام القادمة مخرجاً من هذه الأزمة.