لا أبالغ في تصنيفي هذا العام الموسم الأصعب لطلبة الثانوية العامة، جيل "تجربة التقييم".. والتعايش مع متاهة الميول والهوية المهنية، وانتهاء تجربتهم بانعدام القدرة على اختيار تخصص جامعي مقنع للطالب، وهو الأمر الذي يعد ترفا ودعته جامعاتنا منذ ربطها للمعدل بحزمة اختبارات يقال لنا إنها عالمية.. تراعي المعيار الدولي!.

الحيرة متفشية تجاه نوع التخصص الجامعي، والطالب قد لا يحصل حتى على الثلاثة اختيارات المتاحة التي قرر القبول والتسجيل بها، ونعلم أنه قد يوضع في تخصصات ميزتها أنها الأقل تكدسا، وهنا أعلى مراتب قتل الإبداع، لم تتح له فرص اكتشاف توجهاته أثناء مراحل التعليم العام، وما قد يبدع وينتج فيه من مهنة لاحقا، وستتكفل مرحلة الجامعة بطمر ما تبقى من روح كان يعول عليها أن تكون في بيئة العمل، قادرة على تقديم ولو الحد الأدنى من الإنتاجية.. أليست نهايتهم في وظائفهم وأعمالهم.. أين التخطيط لمستقبل القوى العاملة..؟!

يتخرجون من الثانوية وهم دون بوصلة تجعلهم يقتربون خطوة من مستقبلهم المهني.. والبعض سيحصل على مقعده الجامعي بالواسطة، ويجبر على تخصص لا يريده.. ويقال له: "احمد ربك غيرك ما حصّل مقعد"، والمهم أنهم من حملة الشهادات، لا يهم بلورة وتحديد ميولهم تجاه ما سيواكبهم مدى الحياة، ولا توجهاتنا لربط الثروة البشرية ومخرجات التعليم العام التي تلتحق بالتعليم العالي لتلبي متطلبات سوق العمل!.

وننتهي إلى إغفالنا أهمية الأخذ بقاعدة توائم بين "مدى توفر نسبة توافق شخصية وإمكانات الطالب مع التخصصات المتاحة"، لاحتواء الطاقة الإبداعية من بواكير التعليم وحتى بيئة العمل.. الناتجة من اكتشاف الميول ودقة اختيار التخصص ومحصلتها النهائية إنتاج "خبراء في مجالاتهم العملية"، أليس هذا من طموحات خطط التنمية.. باكتشاف الميول وتوفيرالتخصصات، فلنبدأ لتكون القوى العاملة والطاقة البشرية الإبداعية قيمة وطنية مضافة.