..ومثلما كتبت بالأمس عن استقبال الفرد السعودي لقرار التغيير في الجانب العاطفي، سأواصل اليوم محاولة تحليل طبيعة اتخاذ القرار، عطفا على حيثيات قرار تغيير موعد الإجازة الأسبوعية الذي كان مفاجئا ومدهشا بعد أن ظن الجميع استحالة الوصول إليه. يبرهن هذا القرار أننا لسنا بحاجة إلى لجان ومجالس تنام في أدراجها قرارات التصحيح. وخذ من المثال أن قرار تغيير موعد الإجازة الأسبوعية ظل في ردهات مجلس الشورى لأكثر من عامين بين السفسطة واللت والعجن، ثم اكتشفنا أن (ولي الأمر) قد حسمه بأربع جمل من أجل مصالح الناس المرسلة. نحن في حاجة إلى قرارات تغيير من ولي الأمر الذي نجمع عليه بشكل جارف، أكثر من حاجتنا لمواعيد اللجان ونظريات الدراسات المحنطة.
قرار توظيف المرأة في القطاع الخاص أسهم في العامين الأخيرين في توظيف 165 ألف سعودية دون أن يقرأ أو يلتفت أحد لهذا الرقم السحري، وفي المقابل: من هو الذي سيتبرع على رؤوس الأشهاد بتفاصيل فضيحة أخلاقية واحدة حدثت لأي من أخواتنا الشريفات من بين ثنايا هذا الرقم المدهش. وخذ بالمثال الثاني أن الفرد السعودي هو من يتململ ويشتم قرارات تصحيح الملايين من العمالة السائبة، بينما هو من يشتكي كل ساعة وفي كل مجلس من ندرة الوظائف لابنه وابنته. وسأخلص للدليل على أن الاستسلام لقوى الضغط التي تناهض كل قرار تصحيح سيادي وطني لا يعكس أبدا هذا القطاع العريض من الشعب في الأكثرية العامة. قوى الضغط في كل مكان هم أقلية المصالح الخاصة التي ترفض كل قرار لمصالح الأغلبية المرسلة. هؤلاء هم من أعدم نظامنا التعليمي حتى وصلنا بحناجرهم الغليظة أن يكون خراج كل التعليم العام مجرد (محو أمية) مطورة. هم من يحارب قرار تصحيح مليون عامل سائب هارب، لأن في البلد مليوني تجارة (تستر) مكشوفة من أجل مصالحهم الضيقة. هؤلاء هم من يكتب إضبارات التنظير في وجه كل قرار حتى نكتشف أن وقع القرار واستقباله أبسط بكثير مما نتصور. اكتشفنا أن كل (الهيلمان) أننا سنصحو صبح الخميس وننام السبت، وحتى لو أنه فرمان بالعمل نهار الجمعة، فما الذي سيحصل؟: لن نترك أبدا صلاة الجمعة.