لا يخفى على الكثير من أهل الاختصاص والعامة من المطلعين على التكاليف المرتفعة لإنتاج الطاقة الكهربائية في المملكة العربية السعودية، التي تعد الأعلى عالميا، فإنتاج الطاقة الكهربائية يستهلك نسبة لا يستهان بها من إنتاج النفط المحلي، ولكن في ظل هذه التكاليف المرتفعة لإنتاج الطاقة، لم يتم مراعاة المحافظة على هذه الطاقة من الهدر والضياع، وهناك الكثير من الناس يفتقد نعمة الكهرباء في أصقاع المعمورة، فالهدر هو السمة البارزة في استخدام الكهرباء، سواء على مستوى الأشخاص أو القطاعات الحكومية والأهلية، والكل يعلم أن الحملات التوعوية لترشيد استهلاك الكهرباء لم تحقق الهدف المنشود رغم الجهود التي بذلت لتحقيق ذلك. فلماذا لا يكون ترشيد الكهرباء واجبا وطنيا يجب على الجميع تحقيقه، وإذا لزم الأمر يكون هدر الكهرباء جرما يعاقب عليه القانون وتفرض الغرامات للحد من الهدر غير المبرر؟.
وقد يكون تنظيم استهلاك الكهرباء بالقطاعات الحكومية هو الوسيلة المثالية لبداية العمل على برنامج وطني يضع حدا لهدر الطاقة الكهربائية، فاستهلاك القطاعات الحكومية من الكهرباء يشكل نسبة كبيرة من الاستهلاك الإجمالي للكهرباء، وخاصة المنشآت العملاقة من الجامعات والمطارات والمستشفيات وآلاف المدارس والمراكز الصحية، وتحقيق ترشيد الكهرباء في تلك القطاعات ستكون نتائجه مباشرة ومؤثرة.
إن تقدم العلم أظهر كثيرا من تقنيات ووسائل وأنظمة الترشيد التي يمكن تطبيقها على المستوى الشخصي بالمباني السكنية والمباني العملاقة للمشاريع الحكومية، ولكن للأسف لم تؤخذ هذه التقنيات بعين الاعتبار عند وضع المواصفات الفنية لتنفيذ المشاريع الحكومية.
إن فرض التقنيات وأنظمة ترشيد الكهرباء ضمن العقود الإنشائية للمشاريع الحكومية يعد الحل الأنجع لتوفير وترشيد استخدام الكهرباء، فالعلم تطور كثيرا ولا نكتفي عند حد فرض العازل الحراري في المباني، بل يتم فرض التقنيات الجديدة من أنظمة إدارة المباني "BMS"، وأنظمة الاستشعار التي تقوم بقفل وإغلاق الإنارة والتجهيزات الكهربائية في حالة السكون "خلو المبنى من مرتاديه"، وهناك الكثير من الأجهزة التي تعمل على استهلاك طاقة أقل، وتعطي نفس النتائج ومنها المصابيح الموفرة للطاقة "لماذا لا تقوم شركة الكهرباء بتوزيع نماذج من هذه المصابيح على الأهالي للتعريف بها مع حملة توعوية توضح النتائج الإيجابية لهذه المصابيح على فاتورة الكهرباء مع مرور الزمن؟".
خاتمة: الكهرباء هي عنوان الحياة وامتلاك البعض القدرة المادية لا يعني أن لهم الحق في هدر الكهرباء، فالكهرباء ملك للجميع.