لم يبق أمام الممانعين الجدد الذين يفرغون أنفسهم للتصدي لأي قرار رسمي أو غير رسمي لا يوافق أهواءهم، إلا أن يفتي أحدهم بأن دوام الخميس حرام والدراسة فيه إثم كبير وإجازة السبت من السبع الموبقات.
يتفنن هؤلاء في تفسير الأمور وتصويرها بالشكل الكارثي الذي سيأتي بالويلات على الأمة، وقبل أن يفكروا في مصالح الدولة والمؤسسات ومدى ارتباطها بالعمل الدولي في زمن تجاوز العولمة، تأخذهم نظريات المؤامرة إلى نقاط جيدة يتمركزون حولها ويبدؤون بالمناورات.
يقول أحدهم: إن تغيير العطلة الأسبوعية هو طريقة للتقرب للغرب والابتعاد عن الشريعة، ويقول آخر: إن دوام الخميس سيحرم المسلمين أجر الصوم، وكأن الصوم لا يصح إلا في الفراش، وهذه الأخيرة تؤكد بشكل قطعي على قدرتهم الفائقة على اختلاق اللاشيء في سبيل تحقيق الهدف الأساسي، الممانعة والاعتراض.
تمضي الأعوام وتتغير الظروف وتتبدل الدول، وهؤلاء ما زالوا متمسكين بمسألة التشبه باليهود والنصارى، برغم أنها لم تعد منطقة مناورة جيدة، وحتى الآن لم يتيقنوا أن حياة البشر في كل العالم أصبحت متشابهة، وما يفعله جون في نيويورك يفعله تركي في الرياض، كلاهما يأكلان الهمبرجر ويلبسان الجينز ويغردان على "تويتر".
الواقع يؤكد أننا بحاجة إلى التغيير في نمط الحياة وفي طريقه التفكير وفي النظر إلى الأمور، وهو ما لا يدركه هؤلاء الممانعون، رغم أنها سنة كونية في حياة البشر، وليس تبديل الأيام أو تغيير أوقات الدوام فيها إلا جزءا من محاولة التوائم مع هذا التقارب الإنساني الكبير، وإذا بقي الأمر على المخالفة فهذا الأحد لم يتغير، والجمعة احتفظت بمكانتها الفعلية وستصبح أقرب أكثر إلى القلوب.