وصل عدد سكان العالم اليوم إلى 7 مليارات نسمة، يقطنون في 213 دولة سيادية معتمدة ويؤمنون بحوالي 177 ديانة مختلفة ويتحدثون بأكثر من 1456 لغة متضاربة. الشعوب الإسلامية، التي فاق عددها 1,600 مليار نسمة وتؤمن بالدين الواحد، تقطن في 57 دولة إسلامية و22 دولة عربية. والشعب اليهودي الذي لا يزيد تعداده على 14 مليون نسمة، ينتشر 75% منهم في مختلف أرجاء العالم ويقطن 25% منهم في دويلة صغيرة تدعى إسرائيل، لا تتجاوز مساحتها 1% من مساحة العالم العربي، ولا يزيد عدد سكانها على 2% من عدد الشعوب العربية، علماً بأن أصلهم يعود إلى 27 جنسية مختلفة و5 أجناس متضاربة ويتحدثون بأكثر من 10 لغات متفاوتة.
منذ تأسيسها في عام 1901، بلغ عدد جوائز "نوبل" 555 جائزة، فازت بها ليومنا هذا 839 شخصية عالمية و24 منظمة دولية. بالنسبة لفئات الشعوب، حقق الشعب اليهودي المرتبة الأولى في حصد أكبر عدد من هذه الجوائز البالغ 187 جائزة، ليساوي 22% من إجمالي الجوائز، منها 53 جائزة في الطب و50 في الفيزياء و33 في الكيمياء و29 في الاقتصاد و13 في الآداب و9 في السلام. وبالنسبة لعدد السكان، احتلت إسرائيل المرتبة الثانية بعد بريطانيا في حصد جوائز "نوبل"، تليها ألمانيا ثم أميركا. هذه الدويلة الصغيرة نجحت في تحقيق أهدافها لفشل وطننا الكبير في اجتثاث بذور الشقاق وإطفاء نار المهاترات وردع أرباب الشعارات، لنحصد فقط 9 جوائز يتيمة في عالمنا الإسلامي والعربي معاً.
في مثل هذا الوقت من كل عام تصدر مؤشرات وإحصائيات المنظمات الدولية عن نتائج العام السابق. في هذا العام أشارت الإحصائيات إلى أن إسرائيل تصدرت دول العالم بعدد البحوث العلمية المنشورة مقارنة بعدد السكان، لتحتل المركز الأول بإصدار 12 بحثاً لكل عشرة آلاف نسمة، بينما جاءت أميركا في المرتبة الثانية بإصدار 10 بحوث، ثم بريطانيا بـ9 أبحاث. لتحقيق هذه المراكز المتقدمة، قامت إسرائيل منذ 4 عقود بتكوين علاقات بحثية مع الدول المتقدمة علمياً بهدف الاندماج مع مراكز أبحاثها لتنشيط علمائها وحثهم على المشاركة في برامج التطوير والابتكار. اليوم أصبح لدى إسرائيل 21 شراكة علمية وبحثية دولية، وتتعاون مع المعاهد المماثلة الأميركية والأوروبية والروسية واليابانية والصينية والكورية والتركية في كافة المجالات، وتشارك في الاطلاع على نتائج أبحاث هذه المعاهد قبل الغير لتقطف ثمارها التقنية وتنقل تجاربها العلمية إلى إسرائيل لدفع وتيرة البحث والتطوير في معاهدها.
جميع هذه التقارير حددت مقومات التفوق العلمي بين الدول، التي جاء في مقدمتها متوسط الإنفاق على البحث العلمي والكتب والمجلات العلمية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، يليها عدد العلماء ونسبة الباحثين وأجهزة الكومبيوتر وبراءات الاختراعات المسجلة سنوياً لكل ألف من السكان، ومن ثم عدد مراكز البحث العلمي والأبحاث السنوية المنشورة في المجلات العلمية، لتنتهي بنسبة مساهمة مدخلات العلوم والتقنية في الناتج المحلي الإجمالي.
وجاءت إحصائيات منظمة اليونسكو لتؤكد على أن معدل الإنفاق العربي على البحث العلمي لا يزيد على 0.2% من الناتج العربي الإجمالي سنوياً، في حين بلغ هذا المعدل في إسرائيل 4.7%، لتقفز بذلك إلى المركز الأول متخطية أميركا التي لا يزيد معدل إنفاقها على البحث العلمي على 2.7%، بينما يرتفع إلى 2.8% في دول جنوب شرق آسيا و3% في اليابان و3.6% في فلندا و4.2% في السويد.
في المقابل أصدرت منظمة العمل العربية تقريرها السنوي بعنوان "البحث العلمي بين العرب وإسرائيل وهجرة الكفاءات العربية"، الذي كشفت فيه عن حقائق الفجوة العلمية والتقنية بين العرب وإسرائيل، وأن نصيب المواطن العربي من الإنفاق على التعليم لا يتجاوز 340 دولاراً سنوياً، بينما يصل في إسرائيل إلى 2500 دولار. وأشار التقرير إلى أن الدول المجاورة لإسرائيل هي من أكثر الدول العربية تراجعاً في مؤشرات التنمية البشرية التي تحدد مستويات الدخل والتعليم والصحة. ففي الوقت الذي تأتي إسرائيل في المركز 23 على مستوى العالم في هذه المؤشرات، تحتل مصر المرتبة 199، وسورية المرتبة 111 والأردن المرتبة 92 ولبنان المرتبة 82. وفي حين يوجد في إسرائيل 217 جهاز كمبيوتر لكل ألف شخص، لا يوجد في مصر سوى 9 أجهزة فقط، وفي الأردن 52 جهازاً، وفي لبنان 39 جهازاً. وبالنسبة لعدد الباحثين العلماء في كل مليون نسمة، تتفوق إسرائيل بـ1395 باحثا مقابل 136 باحثا لكل مليون مواطن في العالم العربي، وتصل هذه النسبة لكل مليون مواطن إلى 300 باحث في تركيا، و192 في جنوب أفريقيا، و217 في المكسيك، و315 في البرازيل، وترتفع إلى 5000 في اليابان و3415 في روسيا و2439 في أوروبا و4374 في أميركا. لذا جاءت في العام الماضي 5 جامعات إسرائيلية ضمن قائمة أفضل 100 جامعة في العالم، حيث حصل معهد "فايتسمن" على المرتبة 12 وجاء معهد "تخنيون" في المرتبة 15 وحققت الجامعة العبرية المرتبة 21 وجامعة "تل أبيب" المرتبة 31 وجامعة "بار أيلان" المرتبة 76.
جميع هذه التقارير أجمعت على أن أهم أسباب تراجع مراتب الوطن العربي في العالم يعود إلى ضعف أهدافه وضياع أولوياته في عصر ربيعه العربي، الذي أصبح يستحق بكل جدارة جائزة "نوبل" الجديدة في خراب البيوت.