ترى عضو مجلس الشورى الدكتورة زينب أبو طالب التي اختيرت ضمن 30 سيدة لعضوية المجلس في دورته المقبلة، أن مسألة "التعيين" في المؤسسة البرلمانية في المرحلة الحالية تحديدا، أنجع من مسألة "الانتخاب"، مستشهدة بذلك بتجربة مجلس اللوردات البريطاني والتي تتولى ملكة بريطانيا تعيين أعضائه من ذوي الكفاءة. وترى أن وجهة نظرها تلك تنطلق من فشل تجربة المرأة العربية في التمثيل عبر "صناديق الاقتراع".
أبو طالب التي قالت إنها تفخر بلقب "أم الأطباء" الذي أطلقته عليها "الوطن" غداة التعيين، لا تزال تتذكر جيدا دعوات رابع ملوك الدولة السعودية الملك الراحل خالد بن عبدالعزيز لها وزميلاتها الأطباء بالتوفيق، حينما استقبلهن في منزله كأول دفعة تتخرج من كلية الطب بجامعة الملك سعود، فيما عادت بالذاكرة للوراء وتحديدا في بداية التعليم النظامي للفتيات، إذ تقول إنها درست في أول مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية للبنات في تاريخ المملكة.
الدكتورة أبو طالب لم تكن بأقل حماساً عن غيرها من العضوات للاهتمام بقضايا المرأة السعودية وحقوقها، إلا أنها قالت في حديث لـ"الوطن"، إن تحديد الأولويات ليس بالأمر السهل لأن أعضاء المجلس شركاء على طاولة النقاش في مجلس الشورى، وبيّنت أن نجاح هذه التجربة للمرأة السعودية هو ترسيخ لثقة المجتمع بها واستمرار دورها الإيجابي في مؤسسات الدولة المختلفة، وقطعت أن المجلس سيقوم باستكمال عدد من الملفات المعلقة مثل تفعيل مكافحة البطالة، ودراسة مماطلة بعض المستأجرين لأصحاب العقارات وغيرها.
قائمة أولويات
لم تشأ الدكتورة أبو طالب أن تخوض في مسألة الأولويات، إلا أنها رأت أن مناقشة هموم المواطن والاستجابة لطموحات وتوجيهات المقام السامي ستكون على رأس مهام رئيس مجلس الشورى والأعضاء كافة، خصوصاً أن الدولة قامت بدورها الحقيقي ورصدت ميزانيات هائلة ومشاريع ضخمة في مجال التعليم والصحة والسكن والتوظيف والرعاية الاجتماعية وغيرها، فيما يرغب المجلس في مناقشة تفعيل هذه الملفات مع الوزارات الخدمية، حتى يلمس ويرى المواطن بأم عينه وعلى أرض الواقع أثر هذه الميزانيات على حياته اليومية، وأنها على يقين أن المجلس سوف يساهم في دراسة التشريعات والأنظمة اللازمة لنجاح هذه المشاريع.
ودعت أبو طالب كل وزارة أن تبادر بالتواصل مع أعضاء المجلس في نقاش همومها والبحث عن حلول حقيقية، ليرفع بعدها المجلس رؤيته للمقام السامي للنظر فيها، وألا تكون علاقة الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى بالمجلس هي مجرد تقديم التقارير السنوية بصورة جميلة، وأنها على ثقة بأن كل وزير وكل جهة حريصة على خدمة المواطن وتقديم الأفضل له، لكن الأمنيات قد يعوق تحقيقها عدم التفكير خارج الصندوق، بمعنى أن العجز عن الرؤية الشاملة للمشكلة قد يكون بسبب انغماس بعض الوزارات في الروتين اليومي فلا وقت ولا مجال للتفكير الفعال، مشيرة إلى أن المجلس سيقوم باستكمال عدد من الملفات المعلقة مثل تفعيل مكافحة البطالة، ودراسة مماطلة بعض المستأجرين لأصحاب العقارات وغيرها.
وفق خبراتي
وعن اللجنة التي تتمنى أن تنضم إليها، تقول أبو طالب إن كل اللجان لديها تحمل الأهمية نفسها لأن أعمالها تصب في النهاية في قبة المجلس ويشارك جميع الأعضاء في مناقشة تلك الأعمال ودراستها والخروج بنتائج محددة فيها، ولكل عضو في المجلس الحق في تقديم مشروع أو موضوع للدراسة لأي لجنة حتى ولو لم يكن عضواً فيها، وذلك من خلال رئيس المجلس، إلا أنها مع ذلك ستحدد اللجنة التي يتوافق تخصصها مع خبراتها لتحقيق الفائدة المرجوة من عضويتها في اللجنة.
فشل التجربة العربية
وعن حظوظهن في مقاعد الشورى في حال كان الاختيار عبر صناديق الاقتراع وليس التعيين، قالت الدكتورة أبو طالب إن السؤال بهذه الصيغة يسري على كل من الرجل والمرأة، ولكن لو نظرنا إلى التجربة البرلمانية في الدول العربية ومشاركة المرأة فيها لوجدنا فشلاً ذريعاً في تمثيل المرأة من خلال صناديق الاقتراع سواء كان ذلك في دول الخليج أو غيرها، في بعض الدول لم تحقق المرأة ولا مقعداً واحداً فيما حققت نسبا متدنية جداً لا تتجاوز 5% في دول أخرى بسبب البنية الاجتماعية لتلك الدول.
وتضيف أن البرلمان الدولي رحب بقرار خادم الحرمين بتعيين 30 امرأة في مجلس الشورى أو ما يعادل 20% من قائمة الأعضاء، وأن هذا الترحيب جاء بسبب أن البرلمانات الأوروبية لم تتمكن من تحقق نسبة 5% للمرأة من خلال الصناديق، كما أن المملكة ليست الوحيدة في اختيار أعضاء المجالس بالتعيين، خذ مثلا ما تقوم به ملكة بريطانيا من اختيار مجلس اللوردات بنفسها وتعيينهم كمجلس مواز للبرلمان لمناقشة التشريعات البريطانية، حيث يتم اختيارهم بناء على الكفاءة والخبرة وسيرهم الذاتية، وأعتقد أن هذا ما ارتآه ولاة الأمر مناسباً للمملكة لهذه المرحلة، ولو لاحظت ما ورد في البيان الملكي من أن هذا القرار تم بعد مشاورات مع عدد من هيئة كبار العلماء وخبراء من خارج وداخل المملكة، ويعتبرا قرارا حصيفاً، حرص فيه خادم الحرمين الشريفين على إعلاء شأن المرأة وكرامتها.
"النجاح" يعني الثقة
وأوصت الدكتورة أبو طالب نفسها وبقية العضوات أن يكن عند حسن ظن خادم الحرمين الشريفين، وتحقيق ما ورد بالفعل في نص الأمر الملكي القاضي بتعيين عضوات مجلس الشورى بتمثيل المرأة في وسائل الإعلام والمملكة على المستوى الدولي والإقليمي أو خلال عملها في مسيرة المجلس، مبينة أن نجاح هذه التجربة للمرأة السعودية هو ترسيخ لثقة المجتمع بها واستمرار دورها الإيجابي في مؤسسات الدولة المختلفة، خصوصاً أن المرسوم الملكي قضى بأن "تتمتع المرأة في عضويتها بمجلس الشورى بالحقوق الكاملة للعضوية، وتلتزم بالواجبات، والمسؤوليات، ومباشرة المهمات، كما تلتزم المرأة العضو بضوابط الشريعة الإسلامية، دون أي إخلال بها البتة، وتتقيد بالحجاب الشرعي."
مشاكل كثيرة
وحول الشكاوى التي تلقتها منذ إعلان تعيينها في الشورى، تقول الدكتورة أبو طالب إنها تلقت طلبات عديدة من داخل وخارج الرياض تدعوها إلى العمل على تحسين الخدمات، وتنقل على لسان إحدى النساء القول "انتم الآن صرتو في مجلس الشورى .. يالله طالبوا لنا بحقوقنا بخدمات أفضل" إضافة إلى المطالبة بتحسين المواصلات، فيما طلب منها زملاؤها وزميلاتها الأطباء بفتح ملف زيادة امتيازاتهم وتنفيذ مطالبهم السابقة التي لم تنفذ والتأكد من أنها نوقشت بالفعل في المجلس.
وتضيف أن الآمال كثيرة والطلبات عديدة، وأن العضوات سيحاولن العمل على تحقيقها. وتضيف "الله يوفقنا ويسدد خطانا ويجعلنا بذرة طيبة وخيرة كوننا أول دفعة من النساء في المجلس ونحن القدوة وسنعمل على إثبات وجودنا ورقينا في طرح القضايا. و"إما نفتح الباب واسعا أو نضيقه" لمن هن بعدنا، وسنسعى جاهدين لفعل شيء للمجتمع فهذه مسؤولية أدبية ومسؤولية للأجيال المقبلة وهي مسؤولية كبيرة.
وتتابع أحث بنات بلدي على الاجتهاد والمثابرة فالحياة قصيرة وليست سهلة وكفاح وليست مفروشة بالورود ويجب أن نستغلها في المفيد وأنا كنت أعمل وفي الغربة وزوجة طالب وأما وكانت كفاحا وتعبنا وحصلنا على نتيجة.
تمنيت أن أكون طبيبة
وتقول الدكتورة أبو طالب إنها كانت تتمنى أن تكون طبيبة وشجعها والدها ووالدتها في ذلك وانتقل علم والدها الذي كان يعمل في الهلال الأحمر من مكة للرياض، وكان متفائلاً جدا بفتح مجال تعليم الطب للبنات لأنه كان متاحاً وقتها للشباب فقط، وبالفعل ما إن أنهت المرحلة الثانوية حتى فتح لها المجال لدراسة الطب، وبعدها تم زواجها حيث كان زوجها داعما كبيرا لها، خصوصاً أن عمل المرأة في الطب حينها غير مقبول اجتماعيا: ولكن كنا نحرص دائماً على أننا أول دفعة وما سنسلكه سيكون له تبعات على الأجيال بعدنا وسبحان الله هو نفسه ما يحدث معنا الآن كوننا أول دفعة في مجلس الشورى.