من يتساءل، من يشك، من يعارض، من يقول لماذا وأين وإلى متى، من يريد حقا أن يراجع أفكاره وتصوراته، ويفكر.. من يقدر ذاته ويريد شق طريق جديد، ويكون مختلفا، فإن الصعوبات والتحديات تبدأ، وأصوات التنديد بالتغيير تطاله، ويهطل وابل من سهام "التحبيط"، أمام الخروج عن المألوف؛ عقبات وعقبات، صعوبات وأشواك على الطريق، كل خطوة تخبره أن يعود من حيث أتى، لماذا يحدث هذا معه رغم أنه لم يقترف جرما؟ لماذا يحدث ذلك وهو لم يرد إلا أن يكون أفضل؟ لم يرد إلا أن يكون نفسه؟
لقد ولدنا أحراراً، لا عبيدا .. لقد ولدنا بحكمة لا متناهية، مازلنا حكماء، لكن أصبحنا لا نرى.
لا بد أن تولد من جديد فكرا ومعنى، كي تحقق الاستنارة والوعي، ولا بد أن تكون أفعالك اليومية عن وعي، عندما ولدت، لم تكن هناك آراء عنك، لم يكن هناك: (هذا جميل) و(هذا قبيح)، ولم يكن هناك: (أنت سيئ) و(أنت جيد)، ولم يكن هناك: (افعل كذا)، و(لا تفعل كذا). عندما ولدنا جميعاً، لم يكن هناك فرق بيننا لأننا فقط ولدنا في بقعة مختلفة على هذه الأرض، كنا جميعاً واحدا، وهكذا تمت تفرقتنا كل يوم.
التمييز أصبح سمة الحياة في كل ثانية من ثواني حياتنا..وبالتالي أصبح الانتباه غايتنا المنشودة، فأصبحنا نريد جذب الأنظار والانتباه في كل خطوة من خطواتنا، فصرنا نفكر فيما نحن فاعلين بعد قليل، أكثر مما نحن فاعلين إياه الآن، وأصبحنا نبحث في أعين الآخرين عن وجودنا، وفي كلماتهم عن مغزى حياتنا ومعناها، ولذا لكي تغسل نفسك، ولكي تعود كما ولدت، لزاماً عليك التخلي عن جميع ما يرتبط بك، كن حراً طليقاً. وكما ترى، فهذا العقل المبرمج أصبح متحكماً في حياتنا كما يشاء، فأصبحنا مثل الآليين لأن هذا العقل يتعامل بما وضع فيه، يتعامل بـ"الأكواد" التي كتبها المبرمج مسبقاً، وللأسف؛ فإن المبرمج هو المجتمع والمبرمج هو الآخر ولست أنت. لذا هذا العقل المبرمج أصبح عديم الفائدة.. تخل عنه، إنه يؤدي العمل ذاته كل يوم بشكل روتيني، تماماً كالمليارات من الناس، جميعهم نائمون وفي سبات عميق، هو يحرضك كل يوم ألا تكون ما تريده. ضع هذا العقل المبرمج جانباً، ضعه كالمحارب القديم الذي يضع خوذته البالية على الطاولة، ويأخذ سيفه ويخرج للقتال لا يخاف من أي شيء، هكذا ضعه واخرج من سيطرته. ابتغ طريق الولادة من جديد، لتعود إلى ذاتك الحقيقية.