"الكيف أهم من الكم".. حكمة تعلمناها في الصغر، ورافقتنا في الكبر، إلى أن جاء يوم انتشرت فيه الأقمار الاصطناعية، فملأت السماء وانعكس بثها على الأرض، لنغرق وسط عدد هائل من قنوات، فيها "الغث أكثر من السمين".. لن أتطرق إلى القنوات الغربية لأنها مختارة بعناية وتخصص أياً كان.. سأتكلم عن القنوات العربية التي أصبحت أكثر من عدد شعر رأس بالغ غير أصلع..
امسك الـ"ريموت" وابدأ في البحث، ستجد أن مخرجات البحث مئات وقد تصل الألف من القنوات العربية! هل هذا مفهومنا لحرية الإعلام؟ وحتى إن لم يكن في ذلك مشكلة، فالمشاهد يبحث عن أعمال تحترمه وتحترم أسرته قبل كل شيء.. لكنّ عدداً غير قليل من القنوات لجأ منذ البداية إلى أساليب رخيصة للتلاعب بمشاعر المراهقين، ثم تطورت وسائل تلك القنوات للتلاعب بعقول الكبار..
على سبيل المثال؛ قنوات مخصصة للتعارف وتنشر أرقام الشباب الباحثين عن صديقات أو حبيبات أو زوجات! نعم هذا ما يشاهده الجميع، وأخرى للدردشة مع الجنس اللطيف وبناء صداقات هاتفية، بل إن الطامة الكبرى تكمن في وجود أكثر من 4 قنوات متخصصة بالمصارعة الحرة (المفترض أن أغلب مشاهديها أطفال)، مخصصة لترويج الوهم على الذكور عن طريق أعشاب وكريمات، أو لتحويل قوام امرأة بدينة تجاوز وزنها المئة كيلوغرام، إلى جسد نحيل كجسد نانسي عجرم! والمشكلة الكبرى أن هذه القنوات لها مندوبون في معظم الدول العربية وتنشر أرقام هواتفهم، وهذا يعني أن الوصول إليهم سهل جداً، لكن يبدو أن معظم الجهات الرقابية مشغولة بإزالة "بسطات" الفقيرات في الأسواق الشعبية!! فيما تواصل قنوات الضحك على الذقون جمع الأموال من الموهومين غير عابئة بأي شيء!