للربيع العربي مفارقاته الكثيرة؛ منها كشفه لكثير من تناقضات مؤيديه خصوصا في الخليج.. فالنتائج الكارثية له إلى الآن تقابل بعدم تصديق وبعناد شديد من المعجبين به، مع أن الأفكار السياسية ليست ديناً يُرتد عنه، فكثير من كبار السياسيين في العالم غيروا أفكارهم في منتصف العمر أو بعد اكتشاف خطئها.. قمة التناقضات أن تشتعل معرفات بتغريدات استهزاء وانتقاص وهجوم على رؤساء دول استخدموا كلمات في توصيفهم لمظاهرات بلدانهم مثل مؤامرة خارجية وخارجين على النظام وبلطجية، ثم يسود صمت مطبق في نفس المعرفات على زعماء يستخدمون نفس الكلمات وأكثر حدة، وهذا حقهم ولهم سيادتهم التي لا دخل لنا فيها.. والأكثر غرابة أن تقوم حملة تويترية (سبق أن أشرت إليها في مقال سابق) ضد الشرطة الكويتية العام الماضي، واستخدامها القوة، ومئات التغريدات المستنكرة بالصور.. ثم فجأة عند اقتحام ميدان تقسيم في تركيا وبالقوة (وهذا حق للدولة) يتجاهل المغردون أنفسهم الحدث.. هل قنابل الغاز تختلف؟ أم أن الرصاص المطاطي ديموقراطي؟!
لا بد من رصد دقيق لعملية تضليل للرأي العام، التي حدثت في وسائل التواصل في العامين الماضيين، فمقدار التجني والكيل بمكيالين لا يصدق.. حق أصيل لأردوغان أن يحفظ أمن وطنه تماماً كما هو حق لصباح الأحمد.. تخيلوا لو أن ما حدث في تقسيم حدث في الرياض ـ لا سمح الله ـ لسجلت أرقام قياسية في عدد التغريدات، وانتشرت البكائيات.. للدولة هيبة متى ما سقطت سادت الفوضى وأنشبت أظفارها.. الفوضى قرينة الربيع.. وهذا ما يرفض أتباعه الاعتراف به.