وسط غرور وكبر من يفتون بالجهاد الذي أدى بمصير عدد ليس بالقليل من أبنائنا إلى دروب المهالك، حرمت عائلاتهم من شرف مجاهدتهم في سبيل الله ثم بناء وطنهم قبلة المسلمين، والبر بوالديهم.

اليوم هم معتقلون أو مفقودون، ومصدر شقاء ودموع دائمة في وجدان أسرهم. مقابل ذلك ولمحاولة إثبات المصداقية طالب الناس ـ عبر وسائل التواصل ـ شيوخ الفضائيات والأرصدة المليونية، بإثبات مصداقيتهم للخروج إلى الجهاد وهم خلف شاشات "تويتر"، وإذا خرجوا إلى حيز الوجود يتوجهون إلى مصايف الدول الأوروبية والتغريد من هناك!

بين "جاهد.. ولا تجاهد" يقف الشباب حائرين، هل الجهاد في دول الحروب أدى إلى تحريرها.. ماذا عن إعلان الجهاد في الصومال والعراق وأفغانستان، أليست اليوم دولا منكوبة، الداخل إليها مفقود؟

عدد الجهاديين في سورية يرتفع، يتوافدون لفرط بشاعة جرائم النظامين: السوري، والإيراني والقتل على الهوية وتعمد تصفية السنة، اعتبارات مستفزة ومفهومة خاصة، مع توافد المرتزقة ومنهم "مقاتلون أوكرانيون يعرضون على نظام الأسد أن يُقاتلوا معه بشراسة مقابل حصولهم على الجنسية السورية والأموال والخدمات"..!

التدخل من خارج سورية لا يخدم سقوط النظام، بل يبرر تدخل المرتزقة والمجرمين من حزب الله وغيره وتدخل جهاديين من خارج سورية لم يدعم القضية وتفاقمت الأزمة.

في مقابل هذه التحديات، حاولت الحكومات، المهتمة بحقن دماء الشعب السوري والسعودية بمقدمتها، التأكيد على أن الحل في الدعم بالتسليح وضرورة تمكين السوريين من الدفاع عن بلدهم، وتقديم الدعم اللوجستي، رغم أن الإرادة الدولية تتجنب الحلول العسكرية، إذ إن رئيس الاستخبارات الإسرائيلي السابق ألمح إلى أن الحكومة الإسرائيلية "تفضّل بقاء نظام الأسد وحزب الله وإيران، لأنهم خدموا المصالح الإسرائيلية في المنطقة بشكل كبير".

هذه التحديات لا تمنع الاعتراف بقوة المعارضة السورية وعزيمة الجيش الحر ودعمه رغم محدوديته، مما أوصله إلى الاستحواذ والسيطرة على معظم النقاط الحدودية، وتواجده على الأراضي السورية في مساحة لا تقل عن نصف مساحة سورية.. وسيطرته على عدد لا يستهان به من المطارات العسكرية، في ظل اندحار لقوات الأسد.

يتوافد المرتزقة للتكسب من هذه الحرب، وفي بلادنا يفعلها شيوخ "تويتر"من حصدوا جماهيريتهم بالارتزاق على حساب القضايا الوطنية والإنسانية، يعلنون الجهاد لجذب الأنظار إليهم، لا يهمهم نتائج تحريضهم، المهم مصالحهم التي ستطالها سهام الليل، ودعاء أمهات المعتقلين في سجون العراق وغيرها، والمفقودين من ضحايا فتاواهم.