قاد حماس مجموعة من المبتعثين في الولايات المتحدة الأميركية، إلى ابتكار مبادرة، يهدفون من خلالها إلى إيصال التراث السعودي بمختلف جوانبه إلى المنازل الأميركية، من خلال عرض المنتجات الشعبية التي ترمز إلى المملكة، والجزيرة العربية ككل، والتعريف بالتراث الوطني، بمختلف أطيافه من شماله، وشرقه، وجنوبه، وغربه.

وكان الدافع الحقيقي وراء تلك المبادرة رغبة المبتعثين في التأكيد على أن "الفلكلور" الوطني ميراث لا يمكن التخلي عنه، أو تناسيه، حتى لو تباعدت المسافات، كونه العلامة الفارقة بين بلد وآخر، ورمزا معبرا وجامعا للعادات والتقاليد من جهة، والجوانب الملموسة من جهة أخرى، كالمنتجات الغذائية الشعبية، أو الصناعات اليدوية.

المبتعثون في أميركا، اختاروا إحياء تراثهم بطريقتهم الخاصة بكل اعتزاز وفخر بعد أن تعهدوا فيما بينهم بأن يحتوي كل منزل أميركي على قطعة واحدة على الأقل من التراث السعودي، بما يخدم التواصل الحضاري بين الثقافات، ولا سيما في ظل ما يصادفونه من شغف بعض الأسر الأميركية باكتشاف التراث العربي، والإسلامي.

مجموعة من الطلبة عملت على إحياء تلك العادات والتقاليد، والتعريف بها نظريا وعمليا بين زملائهم وأصدقائهم الطلبة من أميركا، والجنسيات الأخرى، حتى وصل الأمر إلى رغبة البعض منهم في اقتناء بعض المنتجات التي تم عرضها كالملابس والتحف والمصنوعات، والتي يشتهر بها أهل الجنوب وأهل "الغربية"، إضافة إلى القهوة الشمالية، والفقع "الكمأة" التي تشتهر في شمال المملكة.

ويقول المبتعث فهد العبدالمحسن، إن الأمر لم يكن مخططا له مسبقا، وانطلقت شرارة الفكرة من حديث جماعي ضم عددا من أصدقاء "الغربة" من جنسيات عربية متعددة، تناولوا فيه موضوع التعرف على تراث كل بلد، وما الذي تشكله العادات الشعبية لكل شخص من الحضور.

وأضاف العبدالمحسن لـ"الوطن" "بعد ذلك، بدأت بالتفكير بصوت عال مع زملائي في السكن عن مدى أهمية تعريف المجتمعات الغربية بتراثنا الوطني، وزيادة الوعي بصورة أكبر لديهم حول تاريخ المملكة، وثقافتها الممتدة، ونالت الفكرة إعجاب الرفاق، وبدأنا بعد ذلك بالبحث والتقصي عن محال لبيع المنتجات الشعبية".

ويوضح فهد أنهم لم يكتفوا فقط بما يعرض في المحال الأميركية فقط، بل جلبوا بعض المنتجات خلال زيارتهم لذويهم في المملكة، إضافة إلى شراء بعض المكونات الغذائية، بما فيها البهارات وأدوات الطبخ، بغرض عرضها حال عودتهم، وقال "هناك موقع افتتح قبل فترة يعرض المنتجات الشعبية كالتمور، وهو الذي شجعنا على المضي بهذا العمل". ولفت إلى أنه وبعد فترة وجيزة من عرض المنتجات بأشكالها وأنواعها، فوجئ باتصال بعض زملائه الأجانب وإبلاغهم إياه رغبتهم اقتناء عدد من المنتجات الشعبية كالمبخرة، وبعض الملابس النسائية، والتي كانت تستخدمها الأمهات والجدات سابقا، والتي تحمل طابعا تراثيا لافتا، من خلال النقش الموجود في كل ثوب.

ويروي العبدالمحسن موقفا طريفا، حيث استطاع أحد رفاقه تأمين كمية من الفقع "الكمأة" عن طريق أحد أصدقائه القدامى في أميركا، والذي يبيعها بأسعار مرتفعة لندرة استهلاكها، وقلة الطلب عليها، فاتفق مع رفاقه على جلب ثلاثة من زملاء الدراسة الأجانب، وإقناعهم بتناول وجبة "الكبسة السعودية"، مؤكدا أنهم منذ الوهلة الأولى لم يقتنعوا بأن هذا الصنف "الفقع"، معتقدين أنه أحد المقالب التي يراد إيقاعهم به.